سُورَةُ الْمَائِدَةِ قَوْله تَعَالَى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَمُطَرِّفٍ وَالرَّبِيعِ وَالضَّحَّاكِ وَالسُّدِّيِّ وَابْنِ جُرَيْجٍ وَالثَّوْرِيِّ قَالُوا :" الْعُقُودُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَرَادَ بِهَا الْعُهُودَ ".
وَرَوَى مَعْمَرٌ عَنْ قَتَادَةَ قَالَ :" هِيَ عُقُودُ الْجَاهِلِيَّةِ الْحِلْفُ ".
وَرَوَى جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ :﴿ لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ وَأَمَّا حِلْفُ الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إلَّا شِدَّةً ﴾.
وَرَوَى ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ عَاصِمٍ الْأَحْوَلِ قَالَ : سَمِعْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ يَقُولُ :﴿ حَالَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي دَارِنَا ؛ فَقِيلَ لَهُ : قَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ وَمَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَلَمْ يَزِدْهُ الْإِسْلَامُ إلَّا شِدَّةً ﴾ فَقَالَ : حَالَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ فِي دَارِنَا.
قَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ :" إنَّمَا آخَى بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ ﴾ فَلَمْ يَخْتَلِفْ الْمُفَسِّرُونَ أَنَّهُمْ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ قَدْ كَانُوا يَتَوَارَثُونَ بِالْحِلْفِ دُونَ النَّسَبِ وَهُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ :﴿ وَاَلَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ ﴾ إلَى أَنْ جَعَلَ اللَّهُ ذَوِي الْأَرْحَامِ أَوْلَى مِنْ الْحَلِيفِ بِقَوْلِهِ :﴿ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ ﴾ فَقَدْ كَانَ حِلْفُ الْإِسْلَامِ عَلَى التَّنَاصُرِ وَالتَّوَارُثِ ثَابِتًا صَحِيحًا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ :" لَا حِلْفَ فِي الْإِسْلَامِ " فَإِنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يُرِيدَ بِهِ الْحِلْفَ عَلَى الْوُجُوهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا الْحِلْفُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَكَانَ هَذَا الْقَوْلُ مِنْهُ بَعْدَ نَسْخِ