وَاخْتَلَفُوا فِي الصَّيْدِ يُدْرِكُهُ حَيًّا، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ فِيمَنْ يُدْرِكُ صَيْدَ الْكَلْبِ أَوْ السَّهْمِ فَيَحْصُلُ فِي يَدِهِ حَيًّا ثُمَّ يَمُوتُ :" فَإِنَّهُ لَا يُؤْكَلُ، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَبْحِهِ حَتَّى مَاتَ ".
وَقَالَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ :" إنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَبْحِهِ حَتَّى مَاتَ أُكِلَ، وَإِنْ مَاتَ فِي يَدِهِ، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى ذَبْحِهِ فَلَمْ يَذْبَحْهُ لَمْ يُؤْكَلْ، وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فِي يَدِهِ ".
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ : إنْ قَدَرَ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْ الْكَلْبِ فَيَذْبَحَهُ فَلَمْ يَفْعَلْهُ لَمْ يُؤْكَلْ ".
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ :" إذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يُذَكِّيَهُ وَلَمْ يَفْعَلْ لَمْ يُؤْكَلْ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ حَتَّى مَاتَ بَعْدَ مَا صَارَ فِي يَدِهِ أُكِلَ ".
وَقَالَ اللَّيْثُ :" إنْ أَدْرَكَهُ فِي فِي الْكَلْبِ فَأَخْرَجَ سِكِّينَهُ مِنْ خُفِّهِ أَوْ مِنْطَقَتِهِ لِيَذْبَحَهُ فَمَاتَ أَكَلَهُ، وَإِنْ ذَهَبَ لِيُخْرِجَ السِّكِّينَ مِنْ خُرْجِهِ فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يَذْبَحَهُ لَمْ يَأْكُلْهُ ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : إذَا حَصَلَ فِي يَدِهِ حَيًّا فَلَا اعْتِبَارَ بِإِمْكَانِ ذَبْحِهِ أَوْ تَعَذُّرِهِ فِي أَنَّ شَرْطَ ذَكَاتِهِ الذَّبْحُ وَذَلِكَ ؛ لِأَنَّ الْكَلْبَ إنَّمَا حَلَّ صَيْدُهُ لِامْتِنَاعِ الصَّيْدِ وَتَعَذَّرَ الْوُصُولُ إلَيْهِ إلَّا مِنْ هَذِهِ الْجِهَةِ، فَإِذَا حَصَلَ فِي يَدِهِ حَيًّا فَقَدْ زَالَ الْمَعْنَى الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ أُبِيحَ صَيْدُهُ وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الْبَهَائِمِ الَّتِي يُخَافُ عَلَيْهَا الْمَوْتُ، فَلَا تَكُونُ ذَكَاتُهُ إلَّا بِالذَّبْحِ سَوَاءٌ مَاتَ فِي وَقْتٍ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَبْحِهِ أَوْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَالْمَعْنِيُّ فِيهِ كَوْنُهُ فِي يَدِهِ حَيًّا.
فَإِنْ قِيلَ : إنَّمَا لَمْ تَكُنْ ذَكَاةُ سَائِرِ الْبَهَائِمِ إلَّا بِالذَّبْحِ ؛ لِأَنَّ ذَبْحَهَا قَدْ كَانَ مَقْدُورًا عَلَيْهِ، وَلَوْ مَاتَتْ حَتْفَ أَنْفِهَا لَمْ يَكُنْ ذَكَاةً ؛ وَجِرَاحَةُ الْكَلْبِ وَالسَّهْمِ قَدْ كَانَتْ تَكُونُ ذَكَاةً لِلصَّيْدِ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ فِي يَدِهِ حَتَّى مَاتَ، فَإِذَا صَارَ فِي يَدِهِ وَلَمْ يَبْقَ مِنْ حَيَاتِهِ


الصفحة التالية
Icon