بِمِقْدَارِ مَا يُدْرِكُ ذَكَاتَهُ فَهُوَ مُذَكًّى بِجِرَاحَةِ الْكَلْبِ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ صَارَ فِي يَدِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ.
قِيلَ لَهُ : هَذَا عَلَى وَجْهَيْنِ : أَحَدُهُمَا : أَنْ يَكُونَ الْكَلْبُ قَدْ جَرَحَهُ جِرَاحَةً لَا يُعَاشُ مِنْ مِثْلِهَا إلَّا مِثْلَ حَيَاةِ الْمَذْبُوحِ، وَذَلِكَ بِأَنْ يَكُونَ قَدْ قَطَعَ أَوْدَاجَهُ أَوْ شَقَّ جَوْفَهُ فَأَخْرَجَ حَشْوَتَهُ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ كَانَتْ جِرَاحَتُهُ ذَكَاةً لَهُ سَوَاءٌ أَمْكَنَ بَعْدَ ذَلِكَ ذَبْحُهُ أَوْ لَمْ يُمْكِنْ، فَهَذَا الَّذِي تَكُونُ جِرَاحَةُ الْكَلْبِ ذَكَاةً لَهُ ؛ وَأَمَّا الْوَجْهُ الْآخَرُ : فَهُوَ أَنْ يَعِيشَ مِنْ مِثْلِهَا، إلَّا أَنَّهُ اتَّفَقَ مَوْتُهُ بَعْدَ وُقُوعِهِ فِي يَدِهِ فِي وَقْتٍ لَمْ يَكُنْ يَقْدِرُ عَلَى ذَبْحِهِ ؛ فَهَذَا لَا يَكُونُ مُذَكًّى ؛ لِأَنَّ تِلْكَ الْجِرَاحَةَ قَدْ كَانَتْ مُرَاعَاةً عَلَى حُدُوثِ الْمَوْتِ قَبْلَ حُصُولِهِ فِي يَدِهِ وَإِمْكَانِ ذَكَاتِهِ، فَإِذَا صَارَ فِي يَدِهِ حَيًّا بَطَلَ حُكْمُ الْجِرَاحَةِ، وَصَارَ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ الْبَهَائِمِ الَّتِي يُصِيبُهَا جِرَاحَاتٌ غَيْرُ مُذَكِّيَةٍ لَهَا مِثْلُ الْمُتَرَدِّيَةِ وَالنَّطِيحَةِ وَغَيْرِهِمَا، فَلَا يَكُونُ ذَكَاتُهُ إلَّا بِالذَّبْحِ.


الصفحة التالية
Icon