تَعَالَى :﴿ لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى ﴾ إلَى قَوْلِهِ :﴿ وَلَا جُنُبًا إلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا ﴾ فَأَبَاحَ الصَّلَاةَ بِالِاغْتِسَالِ مِنْ غَيْرِ وُضُوءٍ ؛ فَمَنْ شَرَطَ فِي صِحَّتِهِ مَعَ وُجُودِ الْغُسْلِ وُضُوءًا فَقَدْ زَادَ فِي الْآيَةِ مَا لَيْسَ فِيهَا، وَذَلِكَ غَيْرُ جَائِزٍ لِمَا بَيَّنَّا فِيمَا سَلَفَ.
فَإِنْ قِيلَ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ إذَا قُمْتُمْ إلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ﴾ الْآيَةَ، وَذَلِكَ عُمُومٌ فِي سَائِرِ مَنْ قَامَ إلَيْهَا.
قِيلَ لَهُ : فَالْجُنُبُ حِينَ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ فَهُوَ غَاسِلٌ لِهَذِهِ الْأَعْضَاءِ فَقَدْ قَضَى عُهْدَةَ الْآيَةِ لِأَنَّهُ مُتَوَضِّئٌ مُغْتَسِلٌ، فَهُوَ إنْ لَمْ يُفْرِدْ الْوُضُوءَ قَبْلَ الِاغْتِسَالِ فَقَدْ أَتَى بِالْغُسْلِ عَلَى الْوُضُوءِ لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْهُ.
فَإِنْ قِيلَ : تَوَضَّأَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ الْغُسْلِ.
قِيلَ لَهُ : هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ مَنْدُوبٌ إلَيْهِ ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ فِعْلِهِ لَا يَقْتَضِي الْإِيجَابَ.