لَمْ يَبْقَ إلَّا أَنْ يَقُومَ مَقَامَ جَمِيعِهَا فَيَصِيرُ حِينَئِذٍ مُتَوَضِّئًا مُتَيَمِّمًا فِي الْأَعْضَاءِ الْمَغْسُولَةِ، وَذَلِكَ مُحَالٌ لِأَنَّ الْحَدَثَ زَائِلٌ عَنْ الْعُضْوِ الْمَغْسُولِ فَلَا يَنُوبُ عَنْهُ التَّيَمُّمُ ؛ فَثَبَتَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُمَا فِي الْوُجُوبِ.
وَعَلَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ يُوجِبُ عَلَيْهِ غَسْلَ الْوَجْهِ وَالذِّرَاعَيْنِ بِذَلِكَ الْمَاءِ وَيَتَيَمَّمُ مَعَ ذَلِكَ لِهَذَيْنِ الْعُضْوَيْنِ، فَيَكُونُ تَيَمُّمُهُ فِي هَذَيْنِ الْعُضْوَيْنِ قَائِمًا مَقَامَهُمَا وَمَقَامَ الْعُضْوَيْنِ الْآخَرَيْنِ، فَيَكُونُ قَدْ أَلْزَمَهُ طَهَارَتَيْنِ فِي هَذَيْنِ الْعُضْوَيْنِ، فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ طَهَارَةٌ فِي الْعُضْوَيْنِ الْمَغْسُولَيْنِ وَهُوَ إذَا حَصَلَ طَهَارَةٌ لَمْ يُرْفَعْ الْحَدَثُ وَيَكُونُ حُكْمُ الْحَدَثِ بَاقِيًا مَعَ وُجُودِهِ ؟ فَكَيْف يَجُوزُ وُقُوعُهُ مَعَ عَدَمِ رَفْعِ الْحَدَثِ عَمَّا وَقَعَ فِيهِ ؟.
فَإِنْ قِيلَ : يَلْزَمُك مِثْلُهُ إذَا قُلْت مِثْلُهُ فِيمَا إذَا غَسَلَ بَعْضَ أَعْضَائِهِ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ التَّيَمُّمُ وَيَكُونُ ذَلِكَ طَهَارَةً لِجَمِيعِهِ.
قِيلَ لَهُ : لَا يَلْزَمُنَا ذَلِكَ لِأَنَّا لَا نُوجِبُ عَلَيْهِ اسْتِعْمَالَهُ فَسَقَطَ حُكْمُهُ إنْ اسْتَعْمَلَهُ، وَأَنْتَ تُوجِبُ اسْتِعْمَالَهُ كَمَا نُوجِبُهُ لَوْ وَجَدَ مَا يَكْفِيهِ لِجَمِيعِ أَعْضَائِهِ فَكَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَوَضَّأَ وَأَكْمَلَ وُضُوءَهُ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُومَ التَّيَمُّمُ مَقَامَ شَيْءٍ مِنْهُ.
فَإِنْ قَالَ فَقَدْ يَجُوزُ عِنْدَكُمْ الْجَمْعُ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَالْوُضُوءِ وَلَا يُنَافِي أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، وَهُوَ الَّذِي يَجِدُ سُؤْرَ الْحِمَارِ وَلَا يَجِدُ غَيْرَهُ.
قِيلَ لَهُ : إنَّ طَهَارَتَهُ أَحَدُ هَذَيْنِ لَا جَمِيعُهُمَا، وَلِذَلِكَ أَجَزْنَا لَهُ أَنْ يَبْدَأَ بِأَيِّهِمَا شَاءَ لِأَنَّهُ مَشْكُوكٌ فِيهِ عِنْدَنَا فَلَمْ يَسْقُطْ عَنْهُ فَرْضُ الطَّهَارَةِ بِالشَّكِّ، فَإِذَا جَمَعَ بَيْنَهُمَا فَالْمَفْرُوضُ أَحَدُهُمَا، كَمَا قَالُوا جَمِيعًا فِيمَنْ نَسِيَ إحْدَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ وَلَا يَدْرِي أَيَّهَا هِيَ يُصَلِّي خَمْسَ صَلَوَاتٍ حَتَّى يُصَلِّيَ عَلَى


الصفحة التالية
Icon