النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :﴿ أُمِرْت أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : إلَّا بِحَقِّهَا، وَهَذَا مِنْ حَقِّهَا ﴾ ؛ فَاتَّفَقَتْ الصَّحَابَةُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الْخَبَرِ، وَهُوَ فِي مَعْنَى قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إلَيْكُمْ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا ﴾، فَحَكَمَ اللَّهُ تَعَالَى بِصِحَّةِ إيمَانِ مَنْ أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ، وَأَمَرَنَا بِإِجْرَائِهِ عَلَى أَحْكَامِ الْمُسْلِمِينَ وَإِنْ كَانَ فِي الْمُغَيَّبِ عَلَى خِلَافِهِ.
وَهَذَا مِمَّا يُحْتَجُّ بِهِ فِي قَبُولِ تَوْبَةِ الزِّنْدِيقِ مَتَى أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الزِّنْدِيقِ وَغَيْرِهِ إذَا أَظْهَرَ الْإِسْلَامَ ؛ وَهُوَ يُوجِبُ أَنَّ مَنْ قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ، أَوْ قَالَ إنِّي مُسْلِمٌ، أَنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْإِسْلَامِ ؛ لِأَنَّ قَوْله تَعَالَى :﴿ لِمَنْ أَلْقَى إلَيْكُمْ السَّلَامَ ﴾ إنَّمَا مَعْنَاهُ : لِمَنْ اسْتَسْلَمَ فَأَظْهَرَ الِانْقِيَادَ لِمَا دُعِيَ إلَيْهِ مِنْ الْإِسْلَامِ وَإِذَا قُرِئَ " السَّلَامُ " فَهُوَ إظْهَارُ تَحِيَّةِ الْإِسْلَامِ، وَقَدْ كَانَ ذَلِكَ عَلَمًا لِمَنْ أَظْهَرَ بِهِ الدُّخُولَ فِي الْإِسْلَامِ ؛ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلرَّجُلِ الَّذِي قَتَلَ الرَّجُلَ الَّذِي قَالَ أَسْلَمْت وَاَلَّذِي قَالَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ :" قَتَلْته بَعْدَمَا أَسْلَمَ ؟ " فَحَكَمَ لَهُ بِالْإِسْلَامِ بِإِظْهَارِ هَذَا الْقَوْلِ.


الصفحة التالية
Icon