وَأَمَّا الْمَيْسِرُ فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّهُ قَالَ :( الشَّطْرَنْجُ مِنْ الْمَيْسِرِ ) وَقَالَ عُثْمَانُ وَجَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ :( النَّرْدُ ).
وَقَالَ قَوْمٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ :( الْقِمَارُ كُلُّهُ مِنْ الْمَيْسِرِ ).
وَأَصْلُهُ مِنْ تَيْسِيرِ أَمْرِ الْجَزُورِ بِالِاجْتِمَاعِ عَلَى الْقِمَارِ فِيهِ، وَهُوَ السِّهَامُ الَّتِي يُجِيلُونَهَا، فَمَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ اسْتَحَقَّ مِنْهُ مَا تُوجِبُهُ عَلَامَةُ السَّهْمِ، فَرُبَّمَا أَخْفَقَ بَعْضُهُمْ حَتَّى لَا يَحْظَى بِشَيْءٍ وَيَنْجَحَ الْبَعْضُ فَيَحْظَى بِالسَّهْمِ الْوَافِرِ ؛ وَحَقِيقَتُهُ تَمْلِيكُ الْمَالِ عَلَى الْمُخَاطَرَةِ.
وَهُوَ أَصْلٌ فِي بُطْلَانِ عُقُودِ التَّمْلِيكَاتِ الْوَاقِعَةِ عَلَى الْأَخْطَارِ، كَالْهِبَاتِ وَالصَّدَقَاتِ وَعُقُودِ الْبَيَّاعَاتِ وَنَحْوِهَا، إذَا عُلِّقَتْ عَلَى الْأَخْطَارِ، بِأَنْ يَقُولَ :( قَدْ بِعْتُك إذَا قَدِمَ زَيْدٌ ) وَ ( وَهَبْته لَك إذَا خَرَجَ عَمْرٌو ) لِأَنَّ مَعْنَى إيسَارِ الْجَزُورِ أَنْ يَقُولَ : مَنْ خَرَجَ سَهْمُهُ اسْتَحَقَّ مِنْ الْجَزُورِ كَذَا، فَكَانَ اسْتِحْقَاقُهُ لِذَلِكَ السَّهْمِ مِنْهُ مُعَلَّقًا عَلَى الْخَطَرِ.
وَالْقُرْعَةُ فِي الْحُقُوقِ تَنْقَسِمُ إلَى مَعْنَيَيْنِ : أَحَدُهُمَا : تَطْيِيبُ النُّفُوسِ مِنْ غَيْرِ إحْقَاقِ وَاحِدٍ مِنْ الْمُقْتَرِعِينَ وَلَا بَخْسِ حَظٍّ مِمَّا اقْتَرَعُوا عَلَيْهِ، مِثْلُ الْقُرْعَةِ فِي الْقِسْمَةِ وَفِي قَسْمِ النِّسَاءِ وَفِي تَقْدِيمِ الْخُصُومِ إلَى الْقَاضِي.
وَالثَّانِي : مِمَّا ادَّعَاهُ مُخَالِفُونَا فِي الْقُرْعَةِ بَيْنَ عَبِيدٍ أَعْتَقَهُمْ الْمَرِيضُ وَلَا مَالَ لَهُ غَيْرُهُمْ، فَقَوْلُ مُخَالِفَيْنَا هُنَا مِنْ جِنْسِ الْمَيْسِرِ الْمَحْظُورِ بِنَصِّ الْكِتَابِ لِمَا فِيهِ مِنْ نَقْلِ الْحُرِّيَّةِ عَمَّنْ وَقَعَتْ عَلَيْهِ إلَى غَيْرِهِ بِالْقُرْعَةِ، وَلِمَا فِيهِ أَيْضًا مِنْ إحْقَاقِ بَعْضِهِمْ وَبَخْسِ حَقِّهِ حَتَّى لَا يَحْظَى مِنْهُ بِشَيْءٍ وَاسْتِيفَاءِ بَعْضِهِمْ حَقَّهُ وَحَقَّ غَيْرِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَيْسِرِ فِي الْمَعْنَى.
وَأَمَّا الْأَنْصَابُ فَهِيَ مَا نُصِبَ لِلْعِبَادَةِ مِنْ صَنَمٍ أَوْ حَجَرٍ