غَيْرِ مُصَوَّرٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ سَائِرِ مَا يُنْصَبُ لِلْعِبَادَةِ.
وَأَمَّا الْأَزْلَامُ فَهِيَ الْقِدَاحُ، وَهِيَ سِهَامٌ كَانُوا يَجْعَلُونَ عَلَيْهَا عَلَامَاتِ ( افْعَلْ ) وَ ( لَا تَفْعَلْ ) وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَيَعْمَلُونَ فِي سَائِرِ مَا يَهْتَمُّونَ بِهِ مِنْ أَعْمَالِهِمْ عَلَى مَا تُخْرِجُهُ تِلْكَ السِّهَامُ مِنْ أَمْرٍ أَوْ نَهْيٍ أَوْ إثْبَاتٍ أَوْ نَفْيٍ، وَيَسْتَعْمِلُونَهَا فِي الْأَنْسَابِ أَيْضًا إذَا شَكُّوا فِيهَا، فَإِنْ خَرَجَ ( لَا ) نَفَوْهُ، وَإِنْ خَرَجَ ( نَعَمْ ) أَثْبَتُوهُ ؛ وَهِيَ سِهَامُ الْمَيْسِرِ أَيْضًا.
وَأَمَّا قَوْلُهُ ﴿ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ﴾ فَإِنَّ الرِّجْسَ هُوَ الَّذِي يَلْزَمُ اجْتِنَابُهُ إمَّا لِنَجَاسَتِهِ وَإِمَّا لِقُبْحِ مَا يُفْعَلُ بِهِ مِنْ عِبَادَةٍ أَوْ تَعْظِيمٍ ؛ لِأَنَّهُ يُقَالُ ( رِجْسٌ نَجِسٌ ) فَيُرَادُ بِالرِّجْسِ النَّجِسُ، وَيَتْبَعُ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ، كَقَوْلِهِمْ :( حَسَنٌ بَسَنٌ ) وَ ( عَطْشَانُ نَطْشَانَ ) وَمَا جَرَى مَجْرَى ذَلِكَ.
وَالرِّجْزُ قَدْ قِيلَ فِيهِ إنَّهُ الْعَذَابُ فِي قَوْله تَعَالَى :﴿ لَئِنْ كَشَفْت عَنَّا الرِّجْزَ ﴾ أَيْ الْعَذَابَ.
وَقَدْ يَكُونُ فِي مَعْنَى الرِّجْسِ كَمَا فِي قَوْلِهِ :﴿ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾ وَقَوْلُهُ :﴿ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ ﴾ وَإِنَّمَا قَالَ تَعَالَى :﴿ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ﴾ لِأَنَّهُ يَدْعُو إلَيْهِ وَيَأْمُرُ بِهِ، فَأَكَّدَ بِذَلِكَ أَيْضًا حُكْمَ تَحْرِيمِهَا ؛ إذْ كَانَ الشَّيْطَانُ لَا يَأْمُرُ إلَّا بِالْمَعَاصِي وَالْقَبَائِحِ وَالْمُحَرَّمَاتِ، وَجَازَتْ نِسْبَتُهُ إلَى الشَّيْطَانِ عَلَى وَجْهِ الْمَجَازِ ؛ إذْ كَانَ هُوَ الدَّاعِيَ إلَيْهِ وَالْمُزَيِّنَ لَهُ، أَلَا تَرَى أَنَّ رَجُلًا لَوْ أَغْرَى غَيْرَهُ بِضَرْبِ غَيْرِهِ أَوْ بِسَبِّهِ وَزَيَّنَهُ لَهُ جَازَ أَنْ يُقَالَ لَهُ هَذَا مِنْ عَمَلِك ؟


الصفحة التالية
Icon