فَرَدَّهُ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ :﴿ إنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْك إلَّا أَنَّا حُرُمٌ ﴾.
قَالَ ابْنُ إدْرِيسَ : فَقِيلَ لِمَالِكٍ : إنَّ سُفْيَانَ يَقُولُ رِجْلٌ حِمَارَ وَحْشٍ ؟ فَقَالَ : ذَاكَ غُلَامٌ ذَاكَ غُلَامٌ.
وَرَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ بِإِسْنَادٍ كَرِوَايَةِ مَالِكٍ، وَقَالَ فِيهِ : إنَّهُ أَهْدَى لَهُ حِمَارَ وَحْشٍ.
وَرَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ حَبِيبٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ الصَّعْبَ بْنَ جَثَّامَةَ أَهْدَى إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِمَارَ وَحْشٍ وَهُوَ مُحْرِمٌ، فَرَدَّهُ وَقَالَ :﴿ لَوْلَا أَنَّا حُرُمٌ لَقَبِلْنَاهُ مِنْك ﴾، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى وَهَاءِ حَدِيثِ سُفْيَانَ، وَأَنَّ الصَّحِيحَ مَا رَوَاهُ مَالِكٌ لِاتِّفَاقِ هَؤُلَاءِ الرُّوَاةِ عَلَيْهِ.
وَقَدْ رُوِيَ فِيهِ وَجْهٌ آخَرُ، وَهُوَ مَا رَوَى أَبُو مُعَاوَمَةَ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ جَابِرٍ بْنِ زَيْدٍ أَبِي الشَّعْثَاءَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ :﴿ سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ مُحْرِمٍ أُتِيَ بِلَحْمِ صَيْدٍ يَأْكُلُ مِنْهُ، فَقَالَ : احْسِبُوا لَهُ ﴾ قَالَ أَبُو مُعَاوِيَةَ : يَعْنِي إنْ كَانَ صِيدَ قَبْلَ أَنْ يُحْرِمَ فَيَأْكُلُ وَإِلَّا فَلَا.
وَهَذَا يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ إذَا صِيدَ مِنْ أَجْلِهِ أَوْ أَمَرَ بِهِ أَوْ أَعَانَهُ أَوْ دَلَّ عَلَيْهِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْأَسْبَابِ الْمَحْظُورَةِ.


الصفحة التالية
Icon