قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اُسْجُدُوا لِآدَمَ ﴾.
رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ :﴿ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ﴾ يَعْنِي بِهِ آدَمَ ؛ لِأَنَّهُ قَالَ :﴿ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ ﴾ وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ بَعْدَ خَلْقِ آدَمَ وَتَصْوِيرِهِ، وَذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمْ الطُّورَ ﴾ أَيْ مِيثَاقَ آبَائِكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَهُمْ الطُّورَ، نَحْوُ قَوْله تَعَالَى :﴿ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ مِنْ قَبْلُ ﴾ وَالْمُخَاطَبُونَ بِذَلِكَ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَقْتُلُوا الْأَنْبِيَاءَ وَقِيلَ : ثُمَّ رَاجِعٌ إلَى صِلَةِ الْمُخَاطَبَةِ، كَأَنَّهُ قَالَ : ثُمَّ إنَّا نُخْبِرُكُمْ أَنَّا قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ.
وَحُكِيَ عَنْ الْأَخْفَشِ : ثُمَّ هَهُنَا بِمَعْنَى الْوَاوِ.
وَذَكَرَ الزَّجَّاجُ أَنَّ ذَلِكَ خَطَأٌ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَنَظِيرُهُ قَوْله تَعَالَى :﴿ ثُمَّ اللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ ﴾ وَمَعْنَاهُ : وَاَللَّهُ شَهِيدٌ.
قَوْله تَعَالَى :﴿ مَا مَنَعَك أَلَّا تَسْجُدَ إذْ أَمَرْتُكَ ﴾ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ يَقْتَضِي الْوُجُوبَ بِنَفْسِ وُرُودِهِ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَى قَرِينَةٍ فِي إيجَابِهِ ؛ لِأَنَّهُ عَلَّقَ الذَّمَّ بِتَرْكِهِ الْأَمْرَ الْمُطَلَّقَ.
وَقِيلَ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿ أَنْ لَا تَسْجُدَ ﴾ إنَّ " لَا " هَهُنَا صِلَةٌ مُؤَكِّدَةٌ.
وَقِيلَ إنَّ مَعْنَاهُ : مَا دَعَاك إلَى أَنْ لَا تَسْجُدَ وَمَا أَحْوَجَك ؟ وَقِيلَ فِي السُّجُودِ لِآدَم وَجْهَانِ : أَحَدُهُمَا : التَّكْرُمَةُ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ امْتَنَّ بِهِ عَلَى عِبَادِهِ وَذَكَّرَهُ بِالنِّعْمَةِ فِيهِ، وَالثَّانِي : أَنَّهُ كَانَ قِبْلَةً لَهُمْ كَالْكَعْبَةِ.
قَوْله تَعَالَى :﴿ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي ﴾.
قِيلَ فِيهِ : خَيَّبَتْنِي، كَقَوْلِ الشَّاعِرِ : وَمَنْ يَغْوِ لَا يَعْدَمْ عَلَى الْغَيِّ لَائِمَا يَعْنِي : مِنْ يَخِبْ.
وَحَكَى لَنَا أَبُو عُمَرَ غُلَامُ ثَعْلَبٍ عَنْ ثَعْلَبٍ عَنْ ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ قَالَ : يُقَالُ غَوَى الرَّجُلُ يَغْوِي غَيًّا إذَا


الصفحة التالية
Icon