وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي سَلَبِ الْقَتِيلِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ :﴿ السَّلَبُ مِنْ غَنِيمَةِ الْجَيْشِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَمِيرُ قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ ﴾ وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ وَاللَّيْثُ وَالشَّافِعِيُّ :﴿ السَّلَبُ لِلْقَاتِلِ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ الْأَمِيرُ ﴾ قَالَ الشَّيْخُ أَيَّدَهُ اللَّهُ : قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ ﴾ يَقْتَضِي وُجُوبَ الْغَنِيمَةِ لِجَمَاعَةِ الْغَانِمِينَ، فَغَيْرُ جَائِزٍ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ الِاخْتِصَاصُ بِشَيْءٍ مِنْهَا دُونَ غَيْرِهِ.
فَإِنْ قِيلَ : يَنْبَغِي أَنْ يَدُلَّ عَلَى أَنَّ السَّلَبَ غَنِيمَةٌ قِيلَ لَهُ : غَنِمْتُمْ هِيَ الَّتِي حَازُوهَا بِاجْتِمَاعِهِمْ وَتَوَازُرِهِمْ عَلَى الْقِتَالِ وَأَخْذِ الْغَنِيمَةِ، فَلَمَّا كَانَ قَتْلُهُ لِهَذَا الْقَتِيلِ وَأَخْذُهُ سَلَبَهُ بِتَضَافُرِ الْجَمَاعَةِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ غَنِيمَةً، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ لَوْ أَخَذَ سَلَبَهُ مِنْ غَيْرِ قَتْلٍ لَكَانَ غَنِيمَةً ؛ إذْ لَمْ يَصِلْ إلَى أَخْذِهِ إلَّا بِقُوَّتِهِمْ، وَكَذَلِكَ مَنْ لَمْ يُقَاتِلْ وَكَانَ قَائِمًا فِي الصَّفِّ رِدْءًا لَهُمْ مُسْتَحِقُّ الْغَنِيمَةِ وَيَصِيرُ غَانِمًا لِأَنَّ بِظَهْرِهِ وَمُعَاضَدَتِهِ حَصَلَتْ وَأُخِذَتْ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ السَّلَبُ غَنِيمَةً فَيَكُونَ كَسَائِرِ الْغَنَائِمِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا قَوْله تَعَالَى :﴿ فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلَالًا طَيِّبًا ﴾ وَالسَّلَبُ مِمَّا غَنِمَهُ الْجَمَاعَةُ فَهُوَ لَهُمْ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ مَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ خَالِدٍ الْجَزُورِيُّ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُبَارَكِ وَهِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ قَالَا : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ وَاقِدٍ عَنْ مُوسَى بْنِ يَسَارٍ عَنْ مَكْحُولٍ عَنْ قَتَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ قَالَ : نَزَلْنَا دَابِقَ وَعَلَيْنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ، فَبَلَغَ حَبِيبَ بْنَ مُسْلِمٍ أَنَّ صَاحِبَ قُبْرُصَ خَرَجَ يُرِيدُ طَرِيقَ أَذْرَبِيجَانَ مَعَهُ زَبَرْجَدُ وَيَاقُوتٌ وَلُؤْلُؤٌ وَدِيبَاجٌ، فَخَرَجَ فِي جَبَلٍ حَتَّى


الصفحة التالية
Icon