وَاخْتُلِفَ فِي الْبَرَاذِينِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا وَمَالِكٌ وَالثَّوْرِيُّ وَالشَّافِعِيُّ :﴿ الْبِرْذَوْنُ وَالْفَرَسُ سَوَاءٌ ﴾.
وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ :﴿ كَانَتْ أَئِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ فِيمَا سَلَفَ لَا يُسْهِمُونَ لِلْبَرَاذِينِ حَتَّى هَاجَتْ الْفِتْنَةُ مِنْ بَعْدِ قَتْلِ الْوَلِيدِ بْنِ يَزِيدَ ﴾.
وَقَالَ اللَّيْثُ :﴿ لِلْهَجِينِ وَالْبِرْذَوْنِ سَهْمٌ وَاحِدٌ وَلَا يُلْحَقَانِ بِالْعِرَابِ ﴾.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ ﴾ وَقَالَ :﴿ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ ﴾ وَقَالَ :﴿ وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ ﴾ فَعُقِلَ بِاسْمِ الْخَيْلِ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ الْبَرَاذِينُ كَمَا عُقِلَ مِنْهَا الْعِرَابُ، فَلَمَّا شَمِلَهَا اسْمُ الْخَيْلِ وَجَبَ أَنْ يَسْتَوِيَا فِي السُّهْمَانِ.
وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّ رَاكِبَ الْبِرْذَوْنِ يُسَمَّى فَارِسًا كَمَا يُسَمَّى بِهِ رَاكِبُ الْفَرَسِ الْعَرَبِيِّ، فَلَمَّا أُجْرِيَ عَلَيْهِمَا اسْمُ الْفَارِسِ وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ لِلْفَارِسِ سَهْمَانِ وَلِلرَّاجِلِ سَهْمٌ ﴾ عَمَّ ذَلِكَ فَارِسَ الْبِرْذَوْنِ كَمَا عَمَّ فَارِسَ الْعِرَابِ وَأَيْضًا إنْ كَانَ مِنْ الْخَيْلِ فَوَاجِبٌ أَنْ لَا يَخْتَلِفَ سَهْمُهُ وَسَهْمُ الْعَرَبِيِّ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْخَيْلِ فَوَاجِبٌ أَنْ لَا يَسْتَحِقَّ شَيْئًا، فَلَمَّا وَافَقَنَا اللَّيْثُ وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِ إنَّهُ يُسْهَمُ لَهُ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْخَيْلِ وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَرَبِيِّ.
وَأَيْضًا لَا يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِي أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الْفَرَسِ الْعَرَبِيِّ فِي جَوَازِ أَكْلِهِ وَحَظْرِهِ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ فِيهِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا جِنْسٌ وَاحِدٌ، فَصَارَ فَرْقُ مَا بَيْنَهُمَا كَفَرْقِ مَا بَيْنَ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْهَزِيلِ وَالسَّمِينِ وَالْجَوَادِ وَمَا دُونَهُ، وَأَنَّ اخْتِلَافَهُمَا فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ لَمْ يُوجِبْ اخْتِلَافَ سِهَامِهِمَا.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْفَرَسَ الْعَرَبِيَّ وَإِنْ كَانَ أَجْرَى مِنْ الْبِرْذَوْنِ فَإِنَّ