وَاخْتُلِفَ فِي سَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ :﴿ يُقَسَّمُ الْخُمُسُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ : لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾.
وَرَوَى بِشْرُ بْنُ الْوَلِيدِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ قَالَ ﴿ خُمُسُ اللَّهِ وَالرَّسُولِ وَاحِدٌ، وَخُمُسُ ذَوِي الْقُرْبَى لِكُلِّ صِنْفٍ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ خُمُسَ الْخُمُسِ ﴾.
وَقَالَ الثَّوْرِيُّ ﴿ سَهْمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْخُمُسِ هُوَ خُمُسُ الْخُمُسِ وَمَا بَقِيَ فَلِلطَّبَقَاتِ الَّتِي سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى ﴾.
وَقَالَ مَالِكٌ :﴿ يُعْطِي مِنْ الْخُمُسِ أَقْرِبَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى مَا يَرَى وَيَجْتَهِدُ ﴾.
وَقَالَ ﴿ الْأَوْزَاعِيُّ خُمُسُ الْغَنِيمَةِ لِمَنْ سُمِّيَ فِي الْآيَةِ ﴾.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ :﴿ يُقَسَّمُ سَهْمُ ذَوِي الْقُرْبَى بَيْنَ غَنِيِّهِمْ وَفَقِيرِهِمْ ﴾.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلِذِي الْقُرْبَى ﴾ لَفْظٌ مُجْمَلٌ مُفْتَقِرٌ إلَى الْبَيَانِ وَلَيْسَ بِعُمُومٍ ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ ذَا الْقُرْبَى لَا يَخْتَصُّ بِقَرَابَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ غَيْرِهِ مِنْ النَّاسِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِهَا أَقْرِبَاءَ سَائِرِ النَّاسِ، فَصَارَ اللَّفْظُ مُجْمَلًا مُفْتَقِرًا إلَى الْبَيَانِ.
وَقَدْ اتَّفَقَ السَّلَفُ عَلَى أَنَّهُ قَدْ أُرِيدَ أَقْرِبَاءُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ : إنَّ الْمُسْتَحِقِّينَ لِسَهْمِ الْخُمُسِ مِنْ الْأَقْرِبَاءِ هُمْ الَّذِينَ كَانَ لَهُمْ نُصْرَةٌ وَإِنَّ السَّهْمَ كَانَ مُسْتَحِقًّا بِالْأَمْرَيْنِ مِنْ الْقَرَابَةِ وَالنُّصْرَةِ وَإِنَّ مَنْ لَيْسَ لَهُ نُصْرَةٌ مِمَّنْ حَدَثَ بَعْدُ فَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ بِالْفَقْرِ كَمَا يَسْتَحِقُّهُ سَائِرُ الْفُقَرَاءِ ؛ وَيَسْتَدِلُّونَ عَلَى ذَلِكَ بِحَدِيثِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ قَالَ :{ لَمَّا قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى بَيْنَ بَنِي هَاشِمٍ وَبَنِي


الصفحة التالية
Icon