الْمُطَّلِبِ أَتَيْته أَنَا وَعُثْمَانُ فَقُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ هَؤُلَاءِ بَنُو هَاشِمٍ لَا نُنْكِرُ فَضْلَهُمْ بِمَكَانِك الَّذِي وَضَعَك اللَّهُ فِيهِمْ، أَرَأَيْت بَنِي الْمُطَّلِبِ أَعْطَيْتَهُمْ وَمَنَعْتنَا وَإِنَّمَا هُمْ وَنَحْنُ مِنْك بِمَنْزِلَةٍ ؟ فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُونِي فِي جَاهِلِيَّةٍ وَلَا إسْلَامٍ وَإِنَّمَا بَنُو هَاشِمٍ وَبَنُو الْمُطَّلِبِ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ.
} فَهَذَا يَدُلُّ مِنْ وَجْهَيْنِ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مُسْتَحِقٍّ بِالْقَرَابَةِ فَحَسْبُ : أَحَدُهُمَا : أَنَّ بَنِي الْمُطَّلِبِ وَبَنِي عَبْدِ شَمْسٍ فِي الْقُرْبِ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوَاءٌ، فَأَعْطَى بَنِي الْمُطَّلِبِ وَلَمْ يُعْطِ بَنِي عَبْدِ شَمْسٍ، وَلَوْ كَانَ مُسْتَحِقًّا بِالْقَرَابَةِ لَسَاوَى بَيْنَهُمْ.
وَالثَّانِي : أَنَّ فِعْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَلِكَ خَرَجَ مَخْرَجَ الْبَيَانِ لِمَا أُجْمِلَ فِي الْكِتَابِ مِنْ ذِكْرِ ذِي الْقُرْبَى، وَفِعْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا وَرَدَ عَلَى وَجْهِ الْبَيَانِ فَهُوَ عَلَى الْوُجُوبِ، فَلَمَّا ذَكَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النُّصْرَةَ مَعَ الْقَرَابَةِ دَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مُرَادُ اللَّهِ تَعَالَى، فَمَنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِنْهُمْ نُصْرَةٌ فَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ بِالْفَقْرِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْخُلَفَاءَ الْأَرْبَعَةَ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ إلَّا بِالْفَقْرِ وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ : سَأَلْت مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ فَقُلْت : مَا فَعَلَ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اللَّهُ عَنْهُ بِسَهْمِ ذَوِي الْقُرْبَى حِينَ وُلِّيَ ؟ فَقَالَ : سَلَكَ بِهِ سَبِيلَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَكَرِهَ أَنْ يُدَّعَى عَلَيْهِ خِلَافُهُمَا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : لَوْ لَمْ يَكُنْ هَذَا رَأْيَهُ لَمَا قَضَى بِهِ ؛ لِأَنَّهُ قَدْ خَالَفَهُمَا فِي أَشْيَاءَ مِثْلِ الْجَدِّ وَالتَّسْوِيَةِ فِي الْعَطَايَا وَأَشْيَاءَ أُخَرَ، فَثَبَتَ أَنَّ رَأْيَهُ وَرَأْيَهُمَا كَانَ سَوَاءً فِي أَنَّ سَهْمَ ذَوِي الْقُرْبَى إنَّمَا يَسْتَحِقُّهُ