الطَّبَقَاتِ الْمَعْلُومَةِ، وَلَيْسَ بِوَاجِبٍ أَنْ يَكُونُوا فِي حُكْمِ مَوَالِيهِمْ كَمَا أَنَّ الْمُسْلِمَ إذَا أَعْتَقَ عَبْدًا نَصْرَانِيًّا لَا يَكُونُ فِي حُكْمِ مَوْلَاهُ فِي بَابِ سُقُوطِ الْجِزْيَةِ عَنْهُ.
فَإِنْ قِيلَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ مَوَالِي الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ.
قِيلَ : لَهُ : مُرَادُهُ أَنَّهُ مِنْهُمْ فِي الِانْتِسَابِ إلَيْهِمْ، نَحْوُ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ يُسَمَّى هَاشِمِيًّا، وَمَوْلَى بَنِي تَمِيمٍ يُسَمَّى تَمِيمِيًّا، وَفِي النُّصْرَةِ وَالْعَقْلِ كَمَا يَعْقِلُ عَنْهُ ذَوُو الْأَنْسَابِ، فَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ :﴿ مَوَالِي الْقَوْمِ مِنْهُمْ ﴾ وَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُهُمْ فِي إيجَابِ الْجِزْيَةِ وَسُقُوطِهَا.
وَأَمَّا شَرْطُ عُمَرَ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَغْمِسُوا أَوْلَادَهُمْ فِي النَّصْرَانِيَّةِ فَإِنَّهُ قَدْ رُوِيَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ أَنَّهُ شَرَطَ أَنْ لَا يَصْبُغُوا أَوْلَادَهُمْ فِي النَّصْرَانِيَّةِ إذَا أَرَادُوا الْإِسْلَامَ، فَإِنَّمَا شَرَطَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوا أَوْلَادَهُمْ الْإِسْلَامَ إذَا أَرَادُوهُ.
وَقَدْ حَدَّثَنَا مَكْرَمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ مَكْرَمٍ قَالَ : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَطِيَّةَ الْكُوفِيُّ قَالَ : سَمِعْت أَبَا عُبَيْدٍ يَقُولُ : كُنَّا مَعَ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ إذْ أَقْبَلَ الرَّشِيدُ، فَقَامَ النَّاسُ كُلُّهُمْ إلَّا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُمْ، وَكَانَ الْحَسَنُ بْنُ زِيَادٍ مُعْتَلَّ الْقَلْبِ عَلَى مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ فَقَامَ وَدَخَلَ، وَدَخَلَ النَّاسُ مِنْ أَصْحَابِ الْخَلِيفَةِ، فَأَمْهَلَ الرَّشِيدُ يَسِيرًا ثُمَّ خَرَجَ الْإِذْنُ، فَقَامَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ فَجَزِعَ أَصْحَابُهُ لَهُ، فَأُدْخِلَ فَأُمْهِلَ ثُمَّ خَرَجَ طَيِّبَ النَّفْسِ مَسْرُورًا، قَالَ : قَالَ لِي : مَا لَك لَمْ تَقُمْ مَعَ النَّاسِ ؟ قَالَ : كَرِهْت أَنْ أَخْرُجَ عَنْ الطَّبَقَةِ الَّتِي جَعَلْتنِي فِيهَا، إنَّك أَهَّلَتْنِي لِلْعِلْمِ فَكَرِهْت أَنْ أَخْرُجَ إلَى طَبَقَةِ الْخِدْمَةِ الَّتِي هِيَ خَارِجَةٌ مِنْهُ، وَإِنَّ ابْنَ عَمِّك صَلَّى اللَّهُ


الصفحة التالية
Icon