ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ قَالَ : سَأَلْت مُجَاهِدًا : لِمَ وَضَعَ عُمَرُ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ مِنْ الْجِزْيَةِ أَكْثَرَ مِمَّا، وَضَعَ عَلَى أَهْلِ الْيَمَنِ ؟ قَالَ : لِلْيَسَارِ فِي تَمْيِيزِ الطَّبَقَاتِ قَالَ أَبُو يُوسُفَ فِي كِتَابِ الْخَرَاجِ :﴿ تُؤْخَذُ مِنْهُمْ عَلَى الطَّبَقَاتِ عَلَى مَا وَصَفْت ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ عَلَى الْمُوسِرِ مِثْلُ الصَّيْرَفِيِّ وَالْبَزَّازِ وَصَاحِبِ الصَّنْعَةِ، وَالتَّاجِرِ وَالْمُعَالِجِ وَالطَّبِيبِ وَكُلِّ مَنْ كَانَ فِي يَدِهِ مِنْهُمْ صَنْعَةٌ وَتِجَارَةٌ يَحْتَرِفُ بِهَا أُخِذَ مِنْ أَهْلِ كُلِّ صِنَاعَةٍ وَتِجَارَةٍ عَلَى قَدْرِ صِنَاعَتِهِمْ وَتِجَارَتِهِمْ ثَمَانِيَةٌ وَأَرْبَعُونَ عَلَى الْمُوسِرِ وَأَرْبَعَةٌ وَعِشْرُونَ مِنْ الْمُتَوَسِّطِ، مَنْ احْتَمَلَتْ صِنَاعَتُهُ ثَمَانِيَةً وَأَرْبَعِينَ أُخِذَ مِنْهُ ذَلِكَ، وَمَنْ احْتَمَلَتْ أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ أُخِذَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَاثْنَا عَشَرَ عَلَى الْعَامِلِ بِيَدِهِ مِثْلُ الْخَيَّاطِ وَالصَّبَّاغِ وَالْجَزَّارِ وَالْإِسْكَافِ وَمَنْ أَشْبَهَهُمْ ﴾.
فَلَمْ يَعْتَبِرْ الْمِلْكَ، وَاعْتَبَرَ الصِّنَاعَاتِ، وَالتِّجَارَاتِ عَلَى مَا جَرَتْ بِهِ عَادَةُ النَّاسِ فِي الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ مِنْهُمْ.
وَذَكَرَ عَلِيٌّ بْنُ مُوسَى الْقُمِّيُّ مِنْ غَيْرِ أَنْ عَزَى ذَلِكَ إلَى أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّ الطَّبَقَةَ الْأُولَى مَنْ يَحْتَرِفُ، وَلَيْسَ لَهُ مَا يَجِبُ فِي مِثْلِهِ الزَّكَاةُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ، وَهُمْ الْفُقَرَاءُ الْمُحْتَرِفُونَ، فَمَنْ كَانَ لَهُ أَقَلُّ مِنْ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَهُمْ مِنْ أَهْلِ هَذِهِ الطَّبَقَةِ، قَالَ : وَالطَّبَقَةُ الثَّانِيَةُ أَنْ يَبْلُغَ مَالُ الرَّجْعِ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَمَا زَادَ إلَى أَرْبَعَةِ آلَافِ دِرْهَمٍ ؛ لِأَنَّ مَنْ لَهُ مِائَتَا دِرْهَمٍ غَنِيٌّ تَجِبُ عَلَيْهِ الزَّكَاةُ لَوْ كَانَ مُسْلِمًا فَهُوَ خَارِجٌ عَنْ طِبْقَةِ الْفُقَرَاءِ، قَالَ : وَإِنَّمَا أَخَذْنَا اعْتِبَارَ الْأَرْبَعَةِ الْآلَافِ مِنْ قَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَابْنِ عُمَرَ :﴿ أَرْبَعَةُ آلَافٍ فَمَا دُونَهَا نَفَقَةٌ وَمَا فَوْقَ ذَلِكَ فَهُوَ كَثِيرٌ ﴾ قَالَ : وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ تُجْعَلَ الطَّبَقَةُ


الصفحة التالية
Icon