ذِمَّةٍ، وَإِنَّمَا تَحَاكَمُوا إلَيْهِ طَلَبًا لِلرُّخْصَةِ وَزَوَالِ الرَّجْمِ، فَصَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلَى بَيْتِ مِدْرَاسِهِمْ وَوَقَفَهُمْ عَلَى آيَةِ الرَّجْمِ وَعَلَى كَذِبِهِمْ وَتَحْرِيفِهِمْ كِتَابَ اللَّهِ، ثُمَّ رَجَمَ الْيَهُودِيَّيْنِ وَقَالَ :﴿ اللَّهُمَّ إنِّي أَوَّلُ مَنْ أَحْيَا سُنَّةً أَمَاتُوهَا ﴾.
وَقَالَ أَصْحَابُنَا أَهْلُ الذِّمَّةِ مَحْمُولُونَ فِي الْبُيُوعِ وَالْمَوَارِيثِ وَسَائِرِ الْعُقُودِ عَلَى أَحْكَامِ الْإِسْلَامِ كَالْمُسْلِمِينَ، إلَّا فِي بَيْعِ الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ فِيمَا بَيْنَهُمْ لِأَنَّهُمْ مُقَرُّونَ عَلَى أَنْ تَكُونَ مَالًا لَهُمْ، وَلَوْ لَمْ يَجُزْ مُبَايَعَتُهُمْ وَتَصَرُّفُهُمْ فِيهَا وَالِانْتِفَاعُ بِهَا لَخَرَجَتْ مِنْ أَنْ تَكُونَ مَالًا لَهُمْ وَلَمَا وَجَبَ عَلَى مُسْتَهْلِكِهَا عَلَيْهِمْ ضَمَانٌ ".
وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِيمَنْ اسْتَهْلَكَ لِذِمِّيٍّ خَمْرًا أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَتَهَا.
وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَأْخُذُونَ الْخَمْرَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ فِي الْعُشُورِ، فَكَتَبَ إلَيْهِمْ عُمَرُ " أَنْ وَلُّوهُمْ بَيْعَهَا وَخُذُوا الْعُشْرَ مِنْ أَثْمَانِهَا " فَهَذَانِ مَالٌ لَهُمْ يَجُوزُ تَصَرُّفُهُمْ فِيهِمَا، وَمَا عَدَا ذَلِكَ فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَحْكَامِنَا لِقَوْلِهِ :﴿ وَأَنْ اُحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ ﴾ وَرُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَتَبَ إلَى أَهْلِ نَجْرَانَ :﴿ إمَّا أَنْ تَذَرُوا الرِّبَا وَإِمَّا أَنْ تَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ فَجَعَلَهُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حَظْرِ الرِّبَا وَمَنَعَهُمْ مِنْهُ كَالْمُسْلِمِينَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ وَأَخْذِهِمْ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ ﴾ فَأَخْبَرَ أَنَّهُمْ مَنْهِيُّونَ عَنْ الرِّبَا وَأَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ


الصفحة التالية
Icon