مِنْهُ وَلَدٌ وَهُوَ نَفْسُهُ ذَلِكَ الْوَلَدُ، فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْمُضْغَةَ الَّتِي لَمْ يَسْتَبِنْ فِيهَا خَلْقُ الْإِنْسَانِ لَيْسَ بِوَلَدٍ.
وَقَوْلُهُ :" إنَّ اللَّهَ أَعْلَمَنَا أَنَّ الْمُضْغَةَ الَّتِي هِيَ غَيْرُ مُخَلَّقَةٍ قَدْ دَخَلَتْ فِيمَا ذَكَرَ مِنْ خَلْقِ الْإِنْسَانِ كَمَا ذَكَرَ الْمُخَلَّقَةَ " فَإِنَّهُ إنْ كَانَ هَذَا اسْتِدْلَالًا صَحِيحًا فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ أَنْ يَقُولَ مِثْلَهُ فِي النُّطْفَةِ ؛ لِأَنَّ اللَّهَ قَدْ ذَكَرَهَا فِيمَا ذَكَرَ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ كَمَا ذَكَرَ الْمُضْغَةَ، فَيَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ النُّطْفَةُ حَمْلًا وَوَلَدًا لِذِكْرِ اللَّهِ لَهَا فِيمَا خَلَقَ النَّاسَ مِنْهُ.
فَإِنْ قِيلَ : قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ أَنَّهُ خَلَقَنَا مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ وَالْمُخَلَّقَةُ هِيَ الْمُصَوَّرَةُ وَغَيْرُ الْمُخَلَّقَةِ غَيْرُ الْمُصَوَّرَةِ، فَإِذَا جَازَ أَنْ يَقُولَ خَلَقَكُمْ مِنْ مُضْغَةٍ مُصَوَّرَةٍ مَعَ كَوْنِ الْمُصَوَّرَةِ وَلَدًا لَمْ يَمْتَنِعْ أَنْ يَكُونَ غَيْرُ الْمُصَوَّرَةِ وَلَدًا مَعَ قَوْلِهِ :" خَلَقَكُمْ مِنْ مُضْغَةٍ غَيْرِ مُخَلَّقَةٍ ".
قِيلَ لَهُ جَائِزٌ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْمُخَلَّقَةِ مَا ظَهَرَ فِيهِ بَعْضُ صُورَةِ الْإِنْسَانِ فَأَرَادَ بِقَوْلِهِ :" خَلَقَكُمْ مِنْهَا " تَمَامَ الْخَلْقِ وَتَكْمِيلِهِ، فَأَمَّا مَا لَيْسَ بِمُخَلَّقَةٍ فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النُّطْفَةِ لِعَدَمِ الصُّورَةِ فِيهَا، فَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ :" خَلَقَكُمْ مِنْهَا " أَنَّهُ أَنْشَأَ الْوَلَدَ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدًا قَبْلَ ذَلِكَ.
هَذَا هُوَ حَقِيقَةُ اللَّفْظِ وَظَاهِرُهُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ :﴿ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ﴾ فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّ مُرَادَهُ وَضْعُ الْوَلَدِ، فَمَا لَيْسَ بِوَلَدٍ فَلَيْسَ بِمُرَادٍ، وَهَذَا لَا يُشْكَلُ عَلَى أَحَدٍ لَهُ أَدْنَى تَأَمُّلٍ.
وَقَالَ إسْمَاعِيلُ أَيْضًا : لَا تَخْلُو هَذِهِ الْمُضْغَةُ وَمَا قَبْلَهَا مِنْ الْعَلَقَةِ مِنْ أَنْ تَكُونَ وَلَدًا أَوْ غَيْرَ وَلَدٍ، فَإِنْ كَانَتْ وَلَدًا قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ فَحُكْمُهَا قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ وَبَعْدَهَا وَاحِدٌ وَإِنْ


الصفحة التالية
Icon