كَانَتْ لَيْسَتْ بِوَلَدٍ إلَى أَنْ يُخْلَقَ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَرِثَ الْوَلَدُ أَبَاهُ إذَا مَاتَ حِينَ تَحْمِلُ بِهِ أُمُّهُ قَبْلَ أَنْ يُخْلَقَ.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَهَذَا إغْفَالٌ ثَانٍ وَكَلَامٌ مُنْتَقَضٌ بِإِجْمَاعِ الْفُقَهَاءِ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ أَنَّهُ إذَا مَاتَ عَنْ امْرَأَتِهِ وَجَاءَتْ بِوَلَدٍ لِسَنَتَيْنِ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُ أَكْثَرَ مُدَّةِ الْحَمْلِ سَنَتَيْنِ أَوْ لِأَرْبَعِ سِنِينَ عَلَى قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُ أَكْثَرَ الْحَمْلِ أَرْبَعَ سِنِينَ أَنَّ الْوَلَدَ يَرِثُهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ نُطْفَةً وَقْتَ وَفَاةِ الْأَبِ وَقَدْ وَرِثَهُ.
وَمَعَ ذَلِكَ فَلَا خِلَافَ أَنَّ النُّطْفَةَ لَيْسَتْ بِحَمْلٍ وَلَا وَلَدٍ وَأَنَّهُ لَا تَنْقَضِي بِهَا الْعِدَّةُ وَلَا تَعْتِقُ بِهَا أُمُّ الْوَلَدِ، فَبَانَ بِذَلِكَ فَسَادُ اعْتِلَالِ وَانْتِقَاضُ قَوْلِهِ، وَلَيْسَتْ عِلَّةُ الْمِيرَاثِ كَوْنَهُ وَلَدًا ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ الْمَيِّتَ هُوَ وَلَدٌ تَنْقَضِي بِهِ الْعِدَّةُ وَيَثْبُتُ بِهِ الِاسْتِيلَادُ فِي الْأُمِّ، وَقَدْ لَا يَكُونُ مِنْ مَائِهِ فَيَرِثُهُ إذَا كَانَ مَنْسُوبًا إلَيْهِ بِالْفِرَاشِ، أَلَا تَرَى أَنَّهَا لَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ مِنْ الزِّنَا لَمْ يَلْحَقْ نَسَبُهُ بِالزَّانِي وَكَانَ ابْنًا لِصَاحِبِ الْفِرَاشِ ؟ فَالْمِيرَاثُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ حُكْمُهُ بِثُبُوتِ النَّسَبِ مِنْهُ لَا بِأَنَّهُ مِنْ مَائِهِ، أَلَا تَرَى أَنَّ وَلَدَ الزِّنَا لَا يَرِثُ الزَّانِيَ لِعَدَمِ ثُبُوتِ النَّسَبِ وَإِنْ كَانَ مِنْ مَائِهِ ؟ فَعَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ ثُبُوتَ الْمِيرَاثِ لَيْسَ بِمُتَعَلِّقٍ بِكَوْنِهِ وَلَدًا مِنْ مَائِهِ دُونَ حُصُولِ النِّسْبَةِ إلَيْهِ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا.
قَالَ إسْمَاعِيلُ : فَإِنْ قِيلَ إنَّمَا وَرِثَ أَبَاهُ ؛ لِأَنَّهُ مِنْ ذَلِكَ الْأَصْلِ حِينَ صَارَ حَيًّا يَرِثُ وَيُورَثُ.
قِيلَ لَهُ : فَلَا يَنْبَغِي أَنْ تَنْقَضِيَ بِهِ الْعِدَّةُ وَإِنْ تَمَّ خَلْقُهُ حَتَّى يَخْرُجَ حَيًّا.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَهَذَا تَخْلِيطٌ وَكَلَامٌ فِي الْمَسْأَلَةِ مِنْ غَيْرِ وَجْهِهِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ خَصْمَهُ لَمْ يَجْعَلْ وُجُوبَ الْمِيرَاثِ عِلَّةً لِانْقِضَاءِ


الصفحة التالية
Icon