وَمِنْ سُورَةِ الْقَصَصِ قَوْله تَعَالَى :﴿ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَك إحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ ﴾.
مِنْ النَّاسِ مَنْ يَحْتَجُّ بِذَلِكَ فِي جَوَازِ عَقْدِ النِّكَاحِ عَلَى مَنَافِعِ الْحُرِّ ؛ وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى مَا ذَكَرُوا ؛ لِأَنَّهُ شَرَطَ مَنَافِعَهُ لَشُعَيْبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَلَمْ يَشْرُطْ لَهَا مَهْرًا، فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِغَيْرِ مَهْرٍ مُسَمًّى وَشَرَطَ لِوَلِيِّهَا مَنَافِعَ الزَّوْجِ مُدَّةً مَعْلُومَةً، فَهَذَا إنَّمَا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِ عَقْدِ النِّكَاحِ مِنْ غَيْرِ تَسْمِيَةِ مَهْرٍ، وَشَرْطُهُ لِلْمَوْلَى ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ عَقْدَ النِّكَاحِ لَا تُفْسِدُهُ الشُّرُوطُ الَّتِي لَا يُوجِبُهَا الْعَقْدُ.
وَجَائِزٌ أَنْ يَكُونَ قَدْ كَانَ النِّكَاحُ جَائِزًا فِي تِلْكَ الشَّرِيعَةِ بِغَيْرِ بَدَلٍ تَسْتَحِقُّهُ الْمَرْأَةُ، فَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَهَذَا مَنْسُوخٌ بِشَرِيعَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ قَدْ كَانَ جَائِزًا فِي تِلْكَ الشَّرِيعَةِ أَنْ يَشْرُطَ لِلْوَلِيِّ مَنْفَعَةً.
وَيُحْتَجُّ بِهِ فِي جَوَازِ الزِّيَادَةِ فِي الْعُقُودِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ فَإِنْ أَتْمَمْت عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِك ﴾ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ :( قَضَى مُوسَى أَتَمَّ الْأَجَلَيْنِ وَأَوْفَاهُمَا ).