تَكْرَارًا لِلْقَوْلِ وَاللَّفْظِ مَرَّتَيْنِ، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - لَمْ يَقُلْ ثُمَّ يُكَرِّرُونَ الْقَوْلَ مَرَّتَيْنِ، فَفِيهِ إثْبَاتُ مَعْنًى لَا يَقْتَضِيهِ اللَّفْظُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِبَارَةً عَنْهُ.
وَإِنْ حَمَلْته عَلَى أَنَّهُ عَائِدٌ لِمِثْلِ الْقَوْلِ فَفِيهِ إضْمَارٌ لِمِثْلِ ذَلِكَ الْقَوْلِ وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ إلَّا بِدَلَالَةٍ، فَالْقَائِلُ بِذَلِكَ خَارِجٌ عَنْ الْإِجْمَاعِ وَمُخَالِفٌ لِحُكْمِ الْآيَةِ وَمُقْتَضَاهَا فَإِنْ قِيلَ : وَأَنْتَ إذَا حَمَلْتَهُ عَلَى تَحْرِيمِ الْوَطْءِ وَأَنَّ تَقْدِيمَ الْكَفَّارَةِ لِاسْتِبَاحَةِ الْوَطْءِ فَقَدْ زُلْتَ عَنْ الظَّاهِرِ قِيلَ لَهُ : إذَا كَانَ الظِّهَارُ قَدْ أَوْجَبَ تَحْرِيمَ الْوَطْءِ فَاَلَّذِي يَسْتَبِيحُهُ مِنْهُ هُوَ الَّذِي حَرَّمَهُ بِالْقَوْلِ، فَجَازَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عَوْدًا لِمَا قَالَ ؛ إذْ هُوَ مُسْتَبِيحٌ لِذَلِكَ الْوَطْءِ الَّذِي حَرَّمَهُ بِعَيْنِهِ وَكَانَ عَوْدًا لِمَا قَالَ مِنْ إيجَابِ التَّحْرِيمِ.
وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّ الْوَطْءَ إذَا كَانَ مُسْتَحَقًّا بِعَقْدِ النِّكَاحِ، وَحُكْمَ الْوَطْءِ الثَّانِي كَالْأَوَّلِ فِي أَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ بِسَبَبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ حَرَّمَهُ بِالظِّهَارِ، جَازَ أَنْ يَكُونَ الْإِقْدَامُ عَلَى اسْتِبَاحَتِهِ عَوْدًا لِمَا حَرَّمَ فَكَانَ هَذَا الْمَعْنَى مُطَابِقًا لِلَّفْظِ.
فَإِنْ قِيلَ : إنْ كَانَتْ الِاسْتِبَاحَةُ هِيَ الْمُوجِبَةَ لِلْكَفَّارَةِ فَلَيْسَ يَخْلُو ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ الْعَزِيمَةَ عَلَى الِاسْتِبَاحَةِ وَعَلَى الْإِقْدَامِ عَلَى الْوَطْءِ أَوْ إيقَاعِ الْوَطْءِ، فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الْأَوَّلَ فَهَذَا يُلْزِمُك إيجَابَ الْكَفَّارَةِ بِنَفْسِ الْعَزِيمَةِ قَبْلَ الْوَطْءِ كَمَا قَالَ مَالِكٌ وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ.
وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ إيقَاعَ الْوَطْءِ فَوَاجِبٌ أَنْ لَا تَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ إلَّا بَعْدَ الْوَطْءِ، وَهَذَا خِلَافُ الْآيَةِ، وَلَيْسَ هُوَ قَوْلُك أَيْضًا.
قِيلَ لَهُ : الْمَعْنَى فِي ذَلِكَ هُوَ مَا قَدْ بَيَّنَّا مِنْ الْإِقْدَامِ عَلَى اسْتِبَاحَةِ الْوَطْءِ، فَقِيلَ لَهُ : إذَا أَرَدْت الْوَطْءَ وَعُدْت لِاسْتِبَاحَةِ مَا حَرَّمْته فَلَا تَطَأُ حَتَّى