أَيْمَانِكُمْ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَعَطَاءٌ :" حَرَّمَ جَارِيَتَهُ "، وَكَذَلِكَ رُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَغَيْرِهِ مِنْ الصَّحَابَةِ وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ قَالَ : إنَّهُ حَرَّمَ وَحَلَفَ أَيْضًا، فَإِنَّ ظَاهِرَ الْآيَةِ لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَإِنَّمَا فِيهَا التَّحْرِيمُ فَقَطْ، فَغَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُلْحَقَ بِالْآيَةِ مَا لَيْسَ فِيهَا، فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ التَّحْرِيمُ يَمِينًا لِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى فِيهَا كَفَّارَةَ يَمِينٍ بِإِطْلَاقِ لَفْظِ التَّحْرِيمِ.
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ : لَا فَرْقَ بَيْنَ التَّحْرِيمِ وَالْيَمِينِ ؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ تَحْرِيمٌ لِلْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ وَالتَّحْرِيمَ أَيْضًا يَمِينٌ ؛ وَهَذَا عِنْدَ أَصْحَابِنَا يَخْتَلِفُ فِي وَجْهٍ وَيَتَّفِقُ فِي وَجْهٍ آخَرَ، فَالْوَجْهُ الَّذِي يُوَافِقُ الْيَمِينُ فِيهِ التَّحْرِيمَ أَنَّ الْحِنْثَ فِيهِمَا يُوجِبُ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ، وَالْوَجْهُ الَّذِي يَخْتَلِفَانِ فِيهِ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ أَنَّهُ لَا يَأْكُلُ هَذَا الرَّغِيفَ فَأَكَلَ بَعْضَهُ لَمْ يَحْنَثْ، وَلَوْ قَالَ :" قَدْ حَرَّمْت هَذَا الرَّغِيفَ عَلَى نَفْسِي " فَأَكَلَ مِنْهُ الْيَسِيرَ حَنِثَ وَلَزِمَتْهُ الْكَفَّارَةُ ؛ لِأَنَّهُمْ شَبَّهُوا تَحْرِيمَهُ الرَّغِيفَ عَلَى نَفْسِهِ بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ وَاَللَّهِ لَا أَكَلْت مِنْ هَذَا الرَّغِيفِ شَيْئًا، تَشْبِيهًا لَهُ بِسَائِرِ مَا حَرَّمَهُ اللَّهُ مِنْ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ أَنَّهُ اقْتَضَى تَحْرِيمَ الْقَلِيلِ مِنْهُ وَالْكَثِيرِ.
وَاخْتَلَفَ السَّلَفُ فِي الرَّجُلِ يُحَرِّمُ امْرَأَتَهُ، فَرُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَابْنِ عُمَرَ :" أَنَّ الْحَرَامَ يَمِينٌ "، وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ وَابْنِ الْمُسَيِّبِ وَجَابِرِ بْنِ زَيْدٍ وَعَطَاءٍ وَطَاوُسٍ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رِوَايَةٌ مِثْلُهُ، وَرُوِيَ عَنْهُ غَيْرُ ذَلِكَ وَعَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رِوَايَةٌ وَابْنِ عُمَرَ رِوَايَةٌ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَجَمَاعَةٍ مِنْ التَّابِعِينَ قَالُوا :" هِيَ ثَلَاثٌ " وَرَوَى خُصَيْفٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي الْحَرَامِ