بِمَنْزِلَةِ الظِّهَارِ وَرَوَى مَنْصُورٌ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ :" النَّذْرُ وَالْحَرَامُ إذَا لَمْ يُسَمَّ مُغَلَّظَةٌ، فَتَكُونُ عَلَيْهِ رَقَبَةٌ أَوْ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أَوْ إطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا ".
وَرَوَى ابْنُ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا :" إذَا حَرَّمَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَهِيَ يَمِينٌ يُكَفِّرُهَا، أَمَا لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ " وَهَذَا مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ إذَا لَمْ تَكُنْ لَهُ نِيَّةٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ يَمِينٍ، وَأَنَّهُ إنْ أَرَادَ الظِّهَارَ كَانَ ظِهَارًا.
وَقَالَ مَسْرُوقٌ " مَا أُبَالِي إيَّاهَا حَرَّمْت أَوْ قَصْعَةً مِنْ ثَرِيدٍ " وَعَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ :" مَا أُبَالِي حَرَّمْت امْرَأَتِي أَوْ مَاءً فُرَاتًا ".
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : وَلَيْسَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَرَوْهُ يَمِينًا ؛ لِأَنَّهُ لَا جَائِزَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُمَا فِي تَحْرِيمِ الثَّرِيدِ وَالْمَاءِ أَنَّهُ يَمِينٌ، فَكَأَنَّهُمَا لَمْ يَرَيَا ذَلِكَ طَلَاقًا ؛ وَكَذَلِكَ نَقُولُ : إنَّهُ لَيْسَ بِطَلَاقٍ إلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ، فَلَمْ تَظْهَرْ مُخَالَفَةُ هَذَيْنِ لِمَنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُمْ مِنْ الصَّحَابَةِ وَاتِّفَاقَهُمْ عَلَى أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ لَيْسَ بِلَغْوٍ وَأَنَّهُ إمَّا أَنْ يَكُونَ يَمِينًا أَوْ طَلَاقًا أَوْ ظِهَارًا وَاخْتَلَفَ فُقَهَاءُ الْأَمْصَارِ فِي الْحَرَامِ، فَقَالَ أَصْحَابُنَا :" إنْ نَوَى الطَّلَاقَ فَوَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ ثَلَاثًا، وَإِنْ لَمْ يَنْوِ طَلَاقًا فَهُوَ يَمِينٌ وَهُوَ مُولٍ " وَذَكَرَ ابْنُ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ :" أَنَّهُ إنْ نَوَى ظِهَارًا لَمْ يَكُنْ ظِهَارًا ؛ لِأَنَّ الظِّهَارَ أَصْلُهُ بِحَرْفِ التَّشْبِيهِ " وَرَوَى ابْنُ شُجَاعٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ فِي اخْتِلَافِ زُفَرَ وَأَبِي يُوسُفَ :" أَنَّهُ إنْ نَوَى ظِهَارًا كَانَ ظِهَارًا " وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى :" هِيَ ثَلَاثٌ وَلَا أَسْأَلُهُ عَنْ نِيَّتِهِ " وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَا ذَكَرَ عَنْهُ ابْنُ الْقَاسِمِ :" الْحَرَامُ لَا يَكُونُ يَمِينًا فِي شَيْءٍ إلَّا أَنْ يُحَرِّمَ امْرَأَتَهُ فَيَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ،