الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : فِي هَذِهِ الْآيَةِ وَفِي الَّتِي بَعْدَهَا وَهِيَ قَوْلُهُ :﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَمِنْ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ نُصْرَةُ الدِّينِ بِإِقَامَةِ الْحُجَّةِ عَلَى الْمُخَالِفِينَ، وَقَدْ يَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ إذَا عَرَفَ الْمَرْءُ مِنْ نَفْسِهِ صَلَاحِيَّةَ النَّظَرِ وَالِاسْتِقْلَالِ بِالْجِدَالِ، أَوْ عُرِفَ ذَلِكَ مِنْهُ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ : فِي مُطْلَقِ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ ﴾ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ فَرْضٌ يَقُومُ بِهِ الْمُسْلِمُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَدْلًا، خِلَافًا لِلْمُبْتَدِعَةِ الَّذِينَ يَشْتَرِطُونَ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ الْعَدَالَةَ.
وَقَدْ بَيَّنَّا فِي كُتُبِ الْأُصُولِ أَنَّ شُرُوطَ الطَّاعَاتِ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِالْأَدِلَّةِ، وَكُلُّ أَحَدٍ عَلَيْهِ فَرْضٌ فِي نَفْسِهِ أَنْ يُطِيعَ، وَعَلَيْهِ فَرْضٌ فِي دِينِهِ أَنْ يُنَبِّهَ غَيْرَهُ عَلَى مَا يَجْهَلُهُ مِنْ طَاعَةٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ، وَيَنْهَاهُ عَمَّا يَكُونُ عَلَيْهِ مِنْ ذَنْبٍ.
وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي الْآيَةِ الْأُولَى قَبْلَهَا.


الصفحة التالية
Icon