الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : ظَنَّ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْمَطْلُوبَ مِنْهُمْ طَرِيقُ مَنْ قَبْلَهُمْ مِنْ رَفْضِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالنِّسَاءِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ :﴿ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا ﴾ فَكَانَتْ شَرِيعَةُ مَنْ قَبْلَنَا بِالرَّهْبَانِيَّةِ وَشَرِيعَتُنَا بِالسَّمْحَةِ الْحَنِيفِيَّةِ.
وَفِي الصَّحِيحِ ﴿ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ نَهَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ التَّبَتُّلِ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ لَاخْتَصَيْنَا ﴾.
وَاَلَّذِي يُوجِبُ فِي ذَلِكَ الْعِلْمَ، وَيَقْطَعُ الْعُذْرَ، وَيُوَضِّحُ الْأَمْرَ أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ قَالَ لِنَبِيِّهِ :﴿ وَتَبَتَّلْ إلَيْهِ تَبْتِيلًا ﴾ فَبَيَّنَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التَّبَتُّلَ بِفِعْلِهِ ؛ وَشَرَحَ أَنَّهُ امْتِثَالُ الْأَمْرِ، وَاجْتِنَابُ النَّهْيِ، وَلَيْسَ بِتَرْكِ الْمُبَاحَاتِ، ﴿ وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْكُلُ اللَّحْمَ إذَا وَجَدَهُ، وَيَلْبَسُ الثِّيَابَ تُبْتَاعُ بِعِشْرِينَ جَمَلًا، وَيُكْثِرُ مِنْ الْوَطْءِ، وَيَصْبِرُ إذَا عَدِمَ ذَلِكَ ﴾، وَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِهِ لِسُنَّةِ عِيسَى فَلَيْسَ مِنْهُ.


الصفحة التالية
Icon