الْمَسْأَلَة الْحَادِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ : قَالَ عُلَمَاؤُنَا : فَأَمَّا الْهَدْيُ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ مَكَّةَ.
وَأَمَّا الْإِطْعَامُ فَاخْتَلَفَ فِيهِ قَوْلُ مَالِكٍ ؛ هَلْ يَكُونُ بِمَكَّةَ أَوْ بِمَوْضِعِ الْإِصَابَةِ.
وَأَمَّا الصَّوْمُ فَلَمْ يَخْتَلِفْ قَوْلُهُ : إنَّهُ يَصُومُ حَيْثُ شَاءَ.
وَقَالَ حَمَّادٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ : يُكَفِّرُ بِمَوْضِعِ الْإِصَابَةِ.
وَقَالَ عَطَاءٌ : مَا كَانَ مِنْ دَمٍ أَوْ طَعَامٍ بِمَكَّةَ، وَيَصُومُ حَيْثُ شَاءَ.
وَقَالَ الطَّبَرِيُّ : يُكَفِّرُ حَيْثُ شَاءَ.
فَأَمَّا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ : إنَّهُ يُكَفِّرُ حَيْثُ أَصَابَ، فَلَا وَجْهَ لَهُ فِي النَّظَرِ وَلَا أَثَرَ فِيهِ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ : إنَّهُ يَصُومُ حَيْثُ شَاءَ فَلِأَنَّ الصَّوْمَ عِبَادَةٌ تَخْتَصُّ بِالصَّائِمِ، فَتَكُونُ فِي كُلِّ مَوْضِعٍ كَصِيَامِ سَائِرِ الْكَفَّارَاتِ فِي الْحَجِّ وَغَيْرِهَا.
وَأَمَّا وَجْهُ الْقَوْلِ بِأَنَّ الطَّعَامَ يَكُونُ بِمَكَّةَ فَلِأَنَّهُ بَدَلٌ مِنْ الْهَدْيِ أَوْ نَظِيرٌ لَهُ ؛ وَالْهَدْيُ حَقٌّ لِمَسَاكِينِ مَكَّةَ ؛ فَلِذَلِكَ يَكُونُ بِمَكَّةَ بَدَلَهُ أَوْ نَظِيرَهُ.
وَأَمَّا مَنْ قَالَ : إنَّهُ يَكُونُ بِكُلِّ مَوْضِعٍ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، فَإِنَّهُ اعْتِبَارٌ بِكُلِّ طَعَامٍ وَفِدْيَةٍ، فَإِنَّهَا تَجُوزُ بِكُلِّ مَوْضِعٍ.
وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.