يُخْبِرُ عَنْهُ، لِارْتِبَاطِ الْخَبَرِ وَالْعِلْمِ.
وَشَهِدَ بِمَعْنَى حَلَفَ مِثْلُهُ ؛ لِأَنَّهُ أَخْبَرَ عَنْ حَالِهِ، وَقَرَنَ بِخَبَرِهِ تَعْظِيمَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى.
وَقَوْلُهُ :﴿ وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ ﴾ يُرِيدُ مَا عَلِمْنَاهُ وَعَلِمَهُ اللَّهُ مَعَنَا، فَإِنْ صَدَقَ وَإِلَّا كَانَ خَبَرُهُ عَنْ عِلْمِ اللَّهِ كَذِبًا، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ الْعَالِمُ الَّذِي لَا يَجْهَلُ، وَالصَّادِقُ الْمُتَقَدِّسُ عَنْ الْكَذِبِ.
وَأَمَّا شَهِدَ بِمَعْنَى وَصَّى فَلَا مَعْنَى لَهُ إلَّا عَلَى بُعْدٍ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهِ.
وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى :﴿ شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ ﴾ فِي هَذِهِ الْآيَةِ فَهِيَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ : أَحَدُهَا بِمَعْنَى حَلَفَ.
وَالثَّانِي : بِمَعْنَى حَضَرَ لِلتَّحَمُّلِ.
وَالثَّالِثُ : بِمَعْنَى الْأَدَاءِ عِنْدَ الْحَاكِمِ.
تَقُولُ : أَشْهَدُ عِنْدَك، أَيْ حَضَرْت لِأُؤَدِّيَ عِنْدَك مَا عَلِمْت، وَأَدَاؤُهَا بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ بَعِيدٌ لَا دَرْكَ عِنْدَ الْعُلَمَاءِ لِمَعْنَاهُ، وَلَا يُجْزِي غَيْرُهُ عَنْهُ.
الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ بَيْنِكُمْ ﴾ قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا : مَعْنَاهُ شَهَادَةُ مَا بَيْنِكُمْ، فَحُذِفَتْ مَا، وَأُضِيفَتْ الشَّهَادَةُ إلَى الظَّرْفِ، اُسْتُعْمِلَ الْبَيْنُ اسْمًا عَلَى الْحَقِيقَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :﴿ بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ﴾.
وَأَنْشَدُوا : تُصَافِحُ مَنْ لَاقَيْت لِي ذَا عَدَاوَةٍ صِفَاحًا وَعَنِّي غَيْبُ عَيْنَيْك مُنْزَوِي وَأَنْشَدُوا : وَأَهْلُ خِبَاءٍ صَالِحٌ ذَاتُ بَيْنِهِمْ قَدْ احْتَرَبُوا فِي عَاجِلٍ أَتَى آجِلُهُ وَتَحْقِيقُ الْقَوْلِ فِيهِ أَنَّ " بَيْنَ " فِي أَصْلِهِ مَصْدَرُ قَوْلِك : بَانَ يَبِينُ بَيْنًا أَيْ فَارَقَ مَا كَانَ مُجْتَمِعًا مَعَهُ، وَانْفَصَلَ عَمَّا كَانَ مُتَّصِلًا بِهِ، وَمِنْهُ حَدِيثُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :﴿ مَا أُبِينَ مِنْ حَيٍّ فَهُوَ مَيِّتٌ ﴾.
الْمَعْنَى مَا فُصِلَ مِنْ أَعْضَاءِ الْحَيَوَانِ عَنْهُ حَالَ حَيَاتِهِ فَهُوَ مَيْتَةٌ يَعْنِي لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ ؛ وَاسْتُعْمِلَ ظَرْفًا عَلَى مَعْنَى الصَّدْر، وَهُوَ بَابٌ مِنْ


الصفحة التالية
Icon