الْمَسْأَلَةُ الْمُوفِيَةُ ثَلَاثِينَ : قَوْله تَعَالَى :﴿ فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إثْمًا ﴾ يُرِيدُ ظَهَرَ، وَأَظْهَرُ شَيْءٍ فِي الطَّرِيقِ مَا عُثِرَ عَلَيْهِ فِيهَا، وَيُسْتَعْمَلُ فِيمَا كَانَ غَائِبًا عَنْك وَكُنْت جَاهِلًا بِهِ، ثُمَّ حَضَرَ لَدَيْك وَاطَّلَعْت عَلَيْهِ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى :﴿ وَكَذَلِكَ أَعَثَرْنَا عَلَيْهِمْ ﴾ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَطْلُبُونَهُمْ، وَقَدْ خَفِيَ عَلَيْهِمْ مَوْضِعُهُمْ.
التَّقْدِيرُ : إذَا نَفَذَ الْحُكْمُ عَلَيْهِمْ فِي الظَّاهِرِ بِالْيَمِينِ، ثُمَّ ظَهَرَ وَتَبَيَّنَ بَعْدَ ذَلِكَ كَذِبُهُمْ.
الْمَسْأَلَةُ الْحَادِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ : قَوْله تَعَالَى :﴿ إنَّهُمَا ﴾ قِيلَ : هُمَا الشَّاهِدَانِ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ.
وَقِيلَ : هُمَا الْوَصِيَّانِ ؛ قَالَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ.
وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، وَيَتَرَكَّبُ عَلَيْهِ، وَيَخْتَلِفُ التَّقْدِيرُ بِحَسَبِ اخْتِلَافِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَالثَّلَاثُونَ : قَوْله تَعَالَى :﴿ إثْمًا ﴾ يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ عُقُوبَةً، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهِ غُرْمًا، وَظَاهِرُ الْإِثْمِ الْعُقُوبَةُ، لَكِنْ صَرَفَ عَنْ هَذَا الظَّاهِرِ قَوْلُهُ : اسْتَحَقَّا، وَالْعُقُوبَةُ لَا تُسْتَحَقُّ بِالْمَعَاصِي، وَلَا يُسْتَحَقُّ عَلَى اللَّهِ شَيْءٌ حَسْبَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ، فَيَكُونُ مَعْنَاهُ اسْتَوْجَبَا غُرْمًا بِطَرِيقَةٍ.
وَيَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ هَذَا الِاحْتِمَالِ قَوْله تَعَالَى :﴿ مِنْ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمْ ﴾ فَإِنَّمَا يَسْتَحِقُّ عَلَى هَؤُلَاءِ مَا كَانَا اسْتَحَقَّاهُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّ الْقَوْمَ ادَّعَوْا أَنَّهُ كَانَ لِلْمَيِّتِ دَعْوَى مِنْ انْتِقَالِ مِلْكٍ عَنْهُ إلَيْهِمَا بِبَعْضِ مَا تَزُولُ بِهِ الْأَمْلَاكُ مِمَّا يَكُونُ فِيهِ الْيَمِينُ عَلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ دُونَ الْمُدَّعِي، وَتَكُونُ الْبَيِّنَةُ فِيهِ عَلَى الْمُدَّعِي.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ وَالثَّلَاثُونَ : قَوْله تَعَالَى :﴿ فَآخَرَانِ ﴾ إنَّمَا هُوَ بِحَسَبِ الِاتِّفَاقِ أَنَّ الْوَارِثَيْنِ كَانَا اثْنَيْنِ، وَلَوْ كَانَ وَاحِدًا لَأَجْزَأَهُ.
الْمَسْأَلَةُ