الْآيَةُ السَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ : قَوْله تَعَالَى ﴿ وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاَللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ﴾.
فِيهَا مَسْأَلَتَانِ : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى : رُوِيَ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ.
قَالَ الطَّبَرِيُّ :﴿ بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَرَكْبٌ مِنْ الْمُنَافِقِينَ يَسِيرُونَ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالُوا : يَظُنُّ هَذَا أَنَّهُ يَفْتَحُ قُصُورَ الشَّامِ وَحُصُونَهَا، فَأَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَى مَا فِي قُلُوبِهِمْ وَقَوْلِهِمْ، فَدَعَاهُمْ، فَقَالَ : قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ؟ فَحَلَفُوا : مَا كُنَّا إلَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ، فَكَانَ مِمَّنْ إنْ شَاءَ اللَّهُ عَفَا عَنْهُ يَقُولُ : أَسْمَعُ آيَةً تَقْشَعِرُّ مِنْهَا الْجُلُودُ، وَتَجِثُّ الْقُلُوبُ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ وَفَاتِي قَتْلًا فِي سَبِيلِك، لَا يَقُلْ أَحَدٌ أَنَا غَسَّلْت، أَنَا كَفَّنْت، أَنَا دَفَنْت.
قَالَ : فَأُصِيبُ يَوْمَ الْيَمَامَةِ، فَمَا أَحَدٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ إلَّا وَقَدْ وُجِدَ غَيْرُهُ ﴾.
وَرَوَى الدَّارَقُطْنِيُّ عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ :﴿ رَأَيْت عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أُبَيٍّ يَشْتَدُّ قُدَّامَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْحِجَارَةُ تَنْكُبُهُ، وَهُوَ يَقُولُ : يَا مُحَمَّدُ، إنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ، وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : أَبِاَللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ ؟ لَا تَعْتَذِرُوا ﴾.
وَرُوِيَ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ نَزَلَ فِيمَا كَانَ مِنْ الْمُنَافِقِينَ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ.