الْآيَةُ الثَّانِيَةُ : قَوْله تَعَالَى :﴿ وَلُوطًا إذْ قَالَ لِقَوْمِهِ إنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ الْعَالَمِينَ ﴾.
وَقَدْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ فِيهَا، وَيَحِقُّ أَنْ نُعِيدَهُ لِعِظَمِهِ، وَقَدْ نَادَى اللَّهُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهُمْ أَوَّلُ مَنْ اقْتَحَمَ هَذَا، وَلَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِينَا مِنْ رِوَايَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ :﴿ وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَى أُمَّتِي مَا أَتَى عَلَى بَنِي إسْرَائِيلَ حَذْوَ النَّعْلِ بِالنَّعْلِ، حَتَّى لَوْ كَانَ مِنْهُمْ مَنْ يَأْتِي أُمَّهُ عَلَانِيَةً، كَانَ فِي أُمَّتِي مَنْ يَصْنَعُ ذَلِكَ ﴾.
وَقَدْ رَوَى ابْنُ وَهْبٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِيهِ ﴿ : اُقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ ﴾.
وَلَقَدْ كَتَبَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فِي ذَلِكَ إلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ، فَكَتَبَ إلَيْهِ أَبُو بَكْرٍ : عَلَيْهِ الرَّجْمُ.
وَتَابَعَهُ عَلَى ذَلِكَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ : إنَّ الْعَرَبَ تَأْنَفُ مِنْ الْعَارِ وَشُهْرَتِهِ أَنَفًا لَا تَأْنَفُهُ مِنْ الْحُدُودِ الَّتِي تَمْضِي فِي الْأَحْكَامِ، فَأَرَى أَنْ تُحَرِّقَهُ بِالنَّارِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ : صَدَقَ أَبُو الْحَسَنِ.
فَكَتَبَ إلَى خَالِدٍ أَنْ أَحْرِقْهُ بِالنَّارِ، فَفَعَلَ.
فَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ : لَا أَرَى خَالِدًا أَحْرَقَهُ إلَّا بَعْدَ قَتْلِهِ ؛ لِأَنَّ النَّارَ لَا يُعَذِّبُ بِهَا إلَّا اللَّهُ تَعَالَى.
قَالَ الْقَاضِي : لَيْسَ كَمَا زَعَمَ ابْنُ وَهْبٍ، كَانَ عَلِيٌّ يَرَى الْحَرْقَ بِالنَّارِ عُقُوبَةً، وَلِذَلِكَ كَانَ مَا أَخْبَرَنَا أَبُو الْمَعَالِي ثَابِتُ بْنُ بُنْدَارٍ الْبَرْقَانِيُّ الْحَافِظُ، أَخْبَرَنَا الْإِسْمَاعِيلِيُّ، حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ هَاشِمٍ الْبَغَوِيّ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ، حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ قَالَ : رَأَيْت عَمْرَو بْنَ دِينَارٍ، وَأَيُّوبَ، وَعَمَّارًا الرَّهِينِيُّ، اجْتَمَعُوا فَتَنَاكَرُوا الَّذِينَ حَرَقَهُمْ عَلِيٌّ، فَحَدَّثَ أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ


الصفحة التالية
Icon