الْآيَةُ الثَّانِيَةُ قَوْله تَعَالَى :﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ﴾ : فِيهَا ثَلَاثَ عَشْرَةَ مَسْأَلَةً : الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى قَوْلُهُ :﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ﴾ يَعْنِي قَارَبْنَ بُلُوغَ أَجَلِهِنَّ يَعْنِي الْأَجَلَ الْمُقَدَّرَ فِي انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ.
وَالْعِبَارَةُ عَنْ مُقَارَبَةِ الْبُلُوغِ [ بِالْبُلُوغِ ] سَائِغٌ لُغَةً وَمَعْلُومٌ شَرْعًا.
وَمِنْهُ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ كَانَ لَا يُنَادِي حَتَّى يُقَالَ لَهُ أَصْبَحْت يَعْنِي قَارَبْت الصُّبْحَ، وَلَوْ كَانَ لَا يُنَادِي حَتَّى يَرَى [ وَكِيلُهُ ] الصُّبْحَ عَلَيْهِ، ثُمَّ يُعْلِمُهُ هُوَ، فَيَرْقَى عَلَى السَّطْحِ بَعْدَ ذَلِكَ يُؤَذِّنُ لَكَانَ النَّاسُ يَأْكُلُونَ جُزْءًا مِنْ النَّهَارِ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ يُقَالُ لَهُ : أَصْبَحْت أَيْ قَارَبْت، فَيُنَادِي فَيُمْسِكُ النَّاسُ عَنْ الْأَكْلِ فِي وَقْتٍ يَنْعَقِدُ لَهُمْ فِيهِ الصَّوْمُ قَبْلَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، أَوْ مَعَهُ.
وَفِي مَعْنَاهُ قَوْلُ الشَّمَّاخِ : وَتَشْكُو بِعَيْنٍ مَا أَكَلَّ رِكَابُهَا وَقِيلَ الْمُنَادِي أَصْبَحَ الْقَوْمُ أَدْلِجْ يَعْنِي قَارَبَ الْقَوْمُ الصَّبَاحَ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ قَوْلُهُ :﴿ فَأَمْسِكُوهُنَّ ﴾ يَعْنِي بِالرَّجْعَةِ، أَوْ فَارِقُوهُنَّ، وَهِيَ : الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ مَعْنَاهُ أَوْ اُتْرُكُوهُنَّ عَلَى حُكْمِ الطَّلَاقِ الْأَوَّلِ ؛ فَيَقَعُ الْفِرَاقُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بِالطَّلَاقِ الْمَاضِي لِتَرْكِ الْإِمْسَاكِ بِالرَّجْعَةِ ؛ إذْ قَدْ وَقَعَ الْفِرَاقُ بِهِ ؛ وَإِنَّمَا لَهُ الِاسْتِدْرَاكُ بِالتَّمَسُّكِ بِالتَّصْرِيحِ بِالرَّجْعَةِ الْمُنَاقِضِ لِلتَّصْرِيحِ بِالطَّلَاقِ، وَسُمِّيَ التَّمَادِي عَلَى حُكْمِ الْفِرَاقِ وَتَرْكِ التَّمَسُّكِ بِالتَّصْرِيحِ بِالرَّجْعَةِ فِرَاقًا مَجَازًا.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ قَوْلُهُ :﴿ بِمَعْرُوفٍ ﴾ : فِيهِ قَوْلَانِ : أَحَدُهُمَا بِمَعْلُومٍ مِنْ الْإِشْهَادِ.
الثَّانِي : الْقَصْدُ إلَى الْخَلَاصِ مِنْ