كتابًا. فلو كلفوا العدول عن لغتهم والانتقال عن ألسنتهم لكان من التكليف بما لا يستطاع".
وزاد ابن قتيبة (١) الأمر تفصيلاً، فقال: " فكان من تيسيره أن أمره الله أن يقرئ كل قوم بلغتهم فالهذلي يقرأ: عتى حين والأسدي يقرأ: تِعْلَمون والتميمي يهمز، والقرشي لا يهمز، والآخر يقرأ: وإذا قيل لهم، وغيض الماء بإشمام الضم ولو أن كل فريق من هؤلاء أُمر أن يزول عن لغته وما جرى عليه اعتياده طفلاً وناشئًا وكهلاً لاشتد ذلك عليه، وعظمت المحنة فيه".
وحديث نزول القرآن على سبعة أحرف من الأحاديث التي قبلها العلماء واشتهرت بينهم، وتناقلها الثقات جيلا عن جيل (انظر: تفسير الطبري ١/٢٥، والنشر١/١٢، ولطائف الإشارات ١/٣١ وغيرها). وقد روي أن عثمان بن عفان حينما صعد المنبر وسأل من سمع النبي ﷺ يقول: "أنزل القرآن على سبعة أحرف كلها شافٍ كافٍ" أن يقوم- قام الكثيرون حتى لم يحصوا، فعقب عثمان قائلاً: وأنا أشهد معهم (٢).
وإذا كان العلماء قد اختلفوا في تحديد المراد بالأحرف، والمراد بالسبعة، وهل هي على سبيل الحصر، أو للتعبير عن الكثرة، فإنهم لم يختلفوا في أن الأحرف السبعة ليست هي القراءات السبع التي اختارها ابن مجاهد. يقول ابن الجزري: "لا يجوز أن يكون المراد من الأحرف السبعة هؤلاء السبعة القراء المشهورين - وإن كان يظنه بعضهم- لأن هؤلاء السبعة لم يكونوا قد
(٢) انظر النشر ١/٢١، والإتقان ١/٤٥