خلقوا ولا وجدوا" (١). وقد وجه كثير من العلماء اللوم لابن مجاهد لاقتصاره من بين القراء على سبعة، وإيقاعه الناس في الوهم والتلبيس، ولذا يقول السيوطي: "مسبِّع السبعة فعل ما لا ينبغي، وجعل الأمر مشكلا على العامة باختياره، فظن كل من قل نظره أن هذه القراءات هي المذكورة في الحديث. وليته إذ اختار نقص عن السبعة أو زاد عليها ليزيل الشبهة" (٢).
وإذا كان المشتغلون بالقراءات، المدونون لها قد وقفوا موقفًا متحفظًا من بعض القراءات، فما ذاك إلا لأنهم لاحظوا وقوع بعض القراء في التخليط، وبعض آخر في التفريط، فنخلوا هذه القراءات وميزوا بينها من ناحيتي الإسناد، والمتن. وتحدََّدت هذه المعايير على يد ابن الجزري (توفي ٨٣٣هـ) في شروط ثلاثة هي:
١- موافقة العربية ولو بوجه.
٢- موافقة أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالاً.
٣- صحة سند القراءة (٣).
وإذا كان كثير من الأصوليين والفقهاء قد تبعوا ابن مجاهد في اختياره، أو زادوا على السبعة ثلاثة، فهناك كثيرون آخرون رفضوا المفاضلة بين القراءات على أساس تصنيف أصحابها إلى سبعة أو عشرة أو غير ذلك، وفاضلوا بينها على أساس المعايير الثلاثة السابقة، ولذا يقول القسطلاني: "فإذا اجتمعت هذه الثلاثة في قراءة وجب قبولها، وحرم ردها سواء كانت

(١) (النشر١/٢٤)
(٢) (الإتقان ١/٨٠)
(٣) (١/١٠-١٢)


الصفحة التالية
Icon