فَاسْتَغْلَظَ } الْآيَةَ : وَقَالَ لِأُمَّتِهِ :﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ﴾ الْآيَةَ فَفَضَّلَهُمْ بِكَيْنُونَتِهِمْ مِنْ أُمَّتِهِ، دُونَ أُمَمِ الْأَنْبِيَاءِ قَبْلَهُ.
ثُمَّ أَخْبَرَ ( جَلَّ ثَنَاؤُهُ ) :[ أَنَّهُ ] جَعَلَهُ فَاتِحَ رَحْمَتِهِ، عِنْدَ فَتْرَةِ رُسُلِهِ ؛ فَقَالَ :﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنْ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ ﴾، وَقَالَ تَعَالَى :﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ﴾ وَكَانَ فِي ذَلِكَ، مَا دَلَّ عَلَى أَنَّهُ بَعَثَهُ إلَى خَلْقِهِ : لِأَنَّهُمْ كَانُوا أَهْلَ كِتَابٍ وَأُمِّيِّينَ : وَأَنَّهُ فَتَحَ [ بِهِ ] رَحْمَتَهُ.
وَخَتَمَ [ بِهِ ] نُبُوَّتَهُ : قَالَ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ ﴾.
وَقَضَى : أَنْ أَظْهَرَ دِينَهُ عَلَى الْأَدْيَانِ فَقَالَ ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾.
مُبْتَدَأُ التَّنْزِيلِ، وَالْفَرْضِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؛ ثُمَّ عَلَى النَّاسِ ( أَنَا ) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، وَأَبُو سَعِيدِ بْنُ أَبِي عَمْرٍو ؛ قَالَا : نا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ : قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ : لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَنْزَلَ عَلَيْهِ فَرَائِضَهُ كَمَا شَاءَ :﴿ لَا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ ﴾ ؛ ثُمَّ أَتْبَعَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا، فَرْضًا بَعْدَ فَرْضٍ : فِي حِينٍ غَيْرِ حِينِ الْفَرْضِ قَبْلَهُ.
قَالَ : وَيُقَالُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إنَّ أَوَّلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ : مِنْ كِتَابِهِ :﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴾.
ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْهِ [ مَا ] لَمْ يُؤْمَرْ فِيهِ :[ بِأَنْ ] يَدْعُوَ إلَيْهِ الْمُشْرِكِينَ فَمَرَّتْ لِذَلِكَ مُدَّةٌ.
ثُمَّ