مَسْأَلَتِهِمْ ؟، وَاَللَّهِ مَا رَأَيْنَا رَجُلًا مِنْهُمْ قَطُّ يَسْأَلُكُمْ عَمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إلَيْكُمْ.
هَذَا : قَوْلُهُ فِي كِتَابِ الْحُدُودِ، وَبِمَعْنَاهُ أَجَابَ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، وَقَالَ فِيهِ : فَسَمِعْتُ مَنْ أَرْضَى عِلْمَهُ، يَقُولُ :﴿ وَأَنْ اُحْكُمْ بَيْنَهُمْ ﴾ إنْ حَكَمْتَ عَلَى مَعْنَى قَوْلِهِ :﴿ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ﴾ فَتِلْكَ مُفَسِّرَةٌ، وَهَذِهِ : جُمْلَةٌ.
وَفِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ فَإِنْ تَوَلَّوْا ﴾ ؛ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُمْ إنْ تَوَلَّوْا : لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ الْحُكْمُ بَيْنَهُمْ.
وَلَوْ كَانَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ وَأَنْ اُحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ ﴾ ؛ إلْزَامًا مِنْهُ لِلْحُكْمِ بَيْنَهُمْ : أَلْزَمَهُمْ الْحُكْمَ مُتَوَلِّينَ لِأَنَّهُمْ إنَّمَا يَتَوَلَّوْنَ بَعْدَ الْإِتْيَانِ ؛ فَأَمَّا مَا لَمْ يَأْتُوا ؛ فَلَا يُقَالُ لَهُمْ : تَوَلَّوْا.
وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو سَعِيدٍ فِي كِتَابِ الْجِزْيَةِ : نا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ أَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ : لَمْ أَعْلَمْ مُخَالِفًا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالسِّيَرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) لَمَّا نَزَلَ الْمَدِينَةَ : وَادَعَ يَهُودَ كَافَّةً عَلَى غَيْرِ جِزْيَةٍ ؛ [ وَ ] أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ ( عَزَّ وَجَلَّ ) :﴿ فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ ﴾ ؛ إنَّمَا نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ الْمُوَادَعِينَ : الَّذِينَ لَمْ يُعْطُوا جِزْيَةً، وَلَمْ يُقِرُّوا بِأَنْ تَجْرِيَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ بَعْضُهُمْ : نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِيَّيْنِ اللَّذَيْنِ زَنَيَا.
قَالَ : وَاَلَّذِي قَالُوا، يُشْبِهُ مَا قَالُوا ؛ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ وَكَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِنْدَهُمْ التَّوْرَاةُ فِيهَا حُكْمُ اللَّهِ ﴾ وَقَالَ :﴿ وَأَنْ اُحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَإِنْ تَوَلَّوْا ﴾ يَعْنِي ( وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ) : فَإِنْ تَوَلَّوْا عَنْ حُكْمِكَ [ بِغَيْرِ رِضَاهُمْ ] فَهَذَا يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ أَتَاكَ : غَيْرَ مَقْهُورٍ عَلَى الْحُكْمِ.
وَاَلَّذِينَ حَاكَمُوا إلَى رَسُولِ اللَّهِ (


الصفحة التالية
Icon