( أَنَا ) أَبُو سَعِيدٍ نا أَبُو الْعَبَّاسِ أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ : قَالَ الشَّافِعِيُّ : قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ [ فِيمَا حُرِّمَ، وَلَمْ يَحِلَّ بِالذَّكَاةِ ] :﴿ وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إلَّا مَا اُضْطُرِرْتُمْ إلَيْهِ ﴾، وَقَالَ تَعَالَى :﴿ إنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ ﴾ الْآيَةَ، ، وَقَالَ فِي ذِكْرِ مَا حُرِّمَ :﴿ فَمَنْ اُضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾.
قَالَ الشَّافِعِيُّ : فَيَحِلُّ مَا حُرِّمَ : مِنْ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ ؛ وَكُلُّ مَا حُرِّمَ : مِمَّا لَا يُغَيِّرُ الْعَقْلَ : مِنْ الْخَمْرِ لِلْمُضْطَرِّ.
وَالْمُضْطَرُّ : الرَّجُلُ يَكُونُ بِالْمَوْضِعِ : لَا طَعَامَ مَعَهُ فِيهِ، وَلَا شَيْءَ يَسُدُّ فَوْرَةَ جُوعِهِ مِنْ لَبَنٍ، وَمَا أَشْبَهَهُ.
وَيُبَلِّغُهُ الْجُوعُ مَا يَخَافُ مِنْهُ الْمَوْتَ، أَوْ الْمَرَضَ : وَإِنْ لَمْ يَخَفْ الْمَوْتَ أَوْ يُضْعِفُهُ، أَوْ يَضُرُّهُ أَوْ يَعْتَلُّ أَوْ يَكُونُ مَاشِيًا : فَيَضْعُفُ عَنْ بُلُوغِ حَيْثُ يُرِيدُ أَوْ رَاكِبًا فَيَضْعُفُ عَنْ رُكُوبِ دَابَّتِهِ ؛ أَوْ مَا فِي هَذَا الْمَعْنَى مِنْ الضَّرَرِ الْبَيِّنِ.
فَأَيُّ هَذَا نَالَهُ : فَلَهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ الْمُحَرَّمِ، وَكَذَلِكَ يَشْرَبُ مِنْ الْمُحَرَّمِ : غَيْرِ الْمُسْكِرِ ؛ مِثْلِ : الْمَاءِ :[ تَقَعُ ] فِيهِ الْمَيْتَةُ، وَمَا أَشْبَهَهُ.
وَأُحِبُّ أَنْ يَكُونَ آكِلُهُ إنْ أَكَلَ، وَشَارِبُهُ إنْ شَرِبَ أَوْ جَمَعَهُمَا : فَعَلَى مَا يَقْطَعُ عَنْهُ الْخَوْفَ، وَيَبْلُغُ [ بِهِ ] بَعْضَ الْقُوَّةِ.
وَلَا يَبِينُ : أَنْ يَحْرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يَشْبَعَ وَيَرْوَى، وَإِنْ أَجْزَأَهُ دُونَهُ : لِأَنَّ التَّحْرِيمَ قَدْ زَالَ عَنْهُ بِالضَّرُورَةِ.
وَإِذَا بَلَغَ الشِّبَعَ وَالرِّيَّ فَلَيْسَ لَهُ مُجَاوَزَتُهُ ؛ لِأَنَّ مُجَاوَزَتَهُ : حِينَئِذٍ إلَى الضَّرَرِ، أَقْرَبُ مِنْهَا إلَى النَّفْعِ.