وَجَلَّ :﴿ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ ﴾ الْآيَةَ.
أَنَّ رَجُلَيْنِ نَصْرَانِيَّيْنِ مِنْ أَهْلِ دَارِينَ ؛ أَحَدُهُمَا تَمِيمِيٌّ ؛ وَالْآخَرُ يَمَانِيٌّ ؛ ( وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ دَارِينَ أَحَدُهُمَا.
تَمِيمٌ، وَالْآخَرُ : عَدِيٌّ ).
: صَحِبَهُمَا مَوْلًى لِقُرَيْشٍ فِي تِجَارَةٍ، فَرَكِبُوا الْبَحْرَ : وَمَعَ الْقُرَشِيِّ مَالٌ مَعْلُومٌ، قَدْ عَلِمَهُ أَوْلِيَاؤُهُ مِنْ بَيْنِ آنِيَةٍ وَبَزٍّ وَرِقَةٍ وَغَيْرِهَا فَمَرِضَ الْقُرَشِيُّ فَجَعَلَ وَصِيَّتَهُ إلَى الدَّارِيَيْنِ ؛ فَمَاتَ، وَقَبَضَ الدَّارِيَانِ الْمَالَ وَالْوَصِيَّةَ : فَدَفَعَاهُ إلَى أَوْلِيَاءِ الْمَيِّتِ، وَجَاءَا بِبَعْضِ مَالِهِ فَأَنْكَرَ الْقَوْمُ قِلَّةَ الْمَالِ، فَقَالُوا لِلدَّاريِّينَ إنَّ صَاحِبَنَا قَدْ خَرَجَ : وَمَعَهُ مَالٌ أَكْثَرُ مِمَّا أَتَيْتُمُونَا بِهِ ؛ فَهَلْ بَاعَ شَيْئًا، أَوْ اشْتَرَى [ شَيْئًا ] فَوَضَعَ فِيهِ أَوْ هَلْ طَالَ مَرَضُهُ فَأَنْفَقَ عَلَى نَفْسِهِ ؟ قَالَا : لَا قَالُوا فَإِنَّكُمَا خُنْتُمُونَا فَقَبَضُوا الْمَالَ وَرَفَعُوا أَمْرَهُمَا إلَى النَّبِيِّ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ ﴾ إلَى آخِرِ الْآيَةِ.
فَلَمَّا نَزَلَتْ :﴿ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ ﴾ أَمَرَ النَّبِيُّ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) الدَّارِيَيْنِ ؛ فَقَامَا بَعْدَ الصَّلَاةِ فَحَلَفَا بِاَللَّهِ رَبِّ السَّمَوَاتِ مَا تَرَكَ مَوْلَاكُمْ مِنْ الْمَالِ، إلَّا مَا أَتَيْنَاكُمْ بِهِ، وَإِنَّا لَا نَشْتَرِي بِأَيْمَانِنَا ثَمَنًا قَلِيلًا مِنْ الدُّنْيَا ﴿ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إنَّا إذًا لَمِنْ الْآثِمِينَ ﴾.
فَلَمَّا حَلَفَا : خَلَّى سَبِيلَهُمَا.
ثُمَّ إنَّهُمْ وَجَدُوا بَعْدَ ذَلِكَ إنَاءً مِنْ آنِيَةِ الْمَيِّتِ ؛ فَأَخَذَ الدَّارِيَانِ، فَقَالَا : اشْتَرَيْنَاهُ مِنْهُ فِي حَيَاتِهِ، وَكَذَبَا ؛ فَكُلِّفَا الْبَيِّنَةَ فَلَمْ يَقْدِرَا عَلَيْهَا.
فَرُفِعَ ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) : فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ فَإِنْ عُثِرَ ﴾