الرَّسُولَ } ؛ لِقَوْلِهِ إلَّا لِنَعْلَمَ أَنْ قَدْ عَلِمَهُمْ مَنْ يَتَّبِعْ الرَّسُولَ وَعِلْمُ اللَّهِ كَانَ قَبْلَ اتِّبَاعِهِمْ وَبَعْدَهُ سَوَاءً.
وَقَدْ قَالَ الْمُسْلِمُونَ فَكَيْفَ بِمَا مَضَى مِنْ صَلَاتِنَا وَمَنْ مَضَى مِنَّا ؟، فَأَعْلَمَهُمْ اللَّهُ ( عَزَّ وَجَلَّ ) أَنَّ صَلَاتَهُمْ إيمَانٌ، فَقَالَ :﴿ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إيمَانَكُمْ ﴾ الْآيَةُ.
وَيُقَالُ إنَّ الْيَهُودَ قَالَتْ : الْبِرُّ فِي اسْتِقْبَالِ الْمَغْرِبِ وَقَالَتْ النَّصَارَى : الْبِرُّ فِي اسْتِقْبَالِ الْمَشْرِقِ بِكُلِّ حَالٍ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ( عَزَّ وَجَلَّ ) فِيهِمْ :﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ﴾ يَعْنِي ( وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ) : وَأَنْتُمْ مُشْرِكُونَ ؛ لِأَنَّ الْبِرَّ لَا يُكْتَبُ لِمُشْرِكٍ.
فَلَمَّا حَوَّلَ اللَّهُ رَسُولَهُ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) إلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ : صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ ( صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ) أَكْثَرَ صَلَاتِهِ، مِمَّا يَلِي الْبَابَ مِنْ وَجْهِ الْكَعْبَةِ وَقَدْ صَلَّى مِنْ وَرَائِهَا وَالنَّاسُ مَعَهُ مُطِيفِينَ بِالْكَعْبَةِ، مُسْتَقْبِلِيهَا كُلَّهَا، مُسْتَدْبِرِينَ مَا وَرَاءَهَا مِنْ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.
قَالَ : وَقَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ﴾، فَشَطْرُهُ وَتِلْقَاؤُهُ وَجِهَتُهُ وَاحِدٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِبَعْضِ مَا فِي كِتَابِ الرِّسَالَةِ.
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ نا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ أَنَا الشَّافِعِيُّ ( رَحِمَهُ اللَّهُ )، قَالَ : قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى :﴿ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ﴾ فَفَرَضَ عَلَيْهِمْ حَيْثُ مَا كَانُوا أَنْ يُوَلُّوا وُجُوهَهُمْ شَطْرَهُ.
وَشَطْرُهُ : جِهَتُهُ ؛ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ.
إذَا قُلْتَ : أَقْصِدُ شَطْرَ كَذَا مَعْرُوفٌ أَنَّكَ تَقُولُ : أَقْصِدُ قَصْدَ عَيْنِ كَذَا يَعْنِي : قَصْدَ نَفْسِ كَذَا وَكَذَلِكَ : تِلْقَاءَهُ وَجِهَتَهُ أَيْ أَسْتَقْبِلُ تِلْقَاءَهُ وَجِهَتَهُ.