( أَنَا ) أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ أَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ، أَنَا الرَّبِيعُ، قَالَ : قَالَ الشَّافِعِيُّ ( رَحِمَهُ اللَّهُ ) : قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى :﴿ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا ﴾ إلَى [ قَوْلِهِ ] :﴿ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾.
قَالَ الشَّافِعِيُّ : الْمَثَابَةُ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ : الْمَوْضِعُ يَثُوبُ النَّاسُ إلَيْهِ وَيَئُوبُونَ يَعُودُونَ إلَيْهِ بَعْدَ الذَّهَابِ عَنْهُ.
وَقَدْ يُقَالُ : ثَابَ إلَيْهِ : اجْتَمَعَ إلَيْهِ، فَالْمَثَابَةُ تَجْمَعُ الِاجْتِمَاعَ وَيَئُوبُونَ يَجْتَمِعُونَ إلَيْهِ : رَاجِعِينَ بَعْدَ ذَهَابِهِمْ عَنْهُ، وَمُبْتَدَئِينَ.
قَالَ وَرَقَةُ بْنُ نَوْفَلٍ، يَذْكُرُ الْبَيْتَ : مَثَابًا لِأَفْنَاءِ الْقَبَائِلِ كُلِّهَا تَخُبُّ إلَيْهِ الْيَعْمُلَاتُ الذَّوَابِلُ وَقَالَ خِدَاشُ بْنُ زُهَيْرٍ النَّصْرِيُّ فَمَا بَرِحَتْ بَكْرٌ تَثُوبُ وَتَدَّعِي وَيَلْحَقُ مِنْهُمْ أَوَّلُونَ فَآخِرُ قَالَ الشَّافِعِيُّ قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى :﴿ أَوَ لَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ ﴾ يَعْنِي ( وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ) :[ آمِنًا ] مَنْ صَارَ إلَيْهِ : لَا يُتَخَطَّفُ اخْتِطَافَ مَنْ حَوْلَهُمْ.
وَقَالَ ( عَزَّ وَجَلَّ ) لِإِبْرَاهِيمَ خَلِيلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ :﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾.
قَالَ الشَّافِعِيُّ : سَمِعْتُ [ بَعْضَ مَنْ أَرْضَى ] مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَذْكُرُ أَنَّ اللَّهَ ( عَزَّ وَجَلَّ ) لَمَّا أَمَرَ بِهَذَا، إبْرَاهِيمَ ( عَلَيْهِ السَّلَامُ ) : وَقَفَ عَلَى الْمَقَامِ وَصَاحَ صَيْحَةً عِبَادَ اللَّهِ ؛ أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ.
فَاسْتَجَابَ لَهُ حَتَّى مَنْ [ فِي ] أَصْلَابِ الرِّجَالِ وَأَرْحَامِ النِّسَاءِ.
فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ بَعْدَ دَعْوَتِهِ، فَهُوَ : مِمَّنْ أَجَابَ دَعْوَتَهُ وَوَافَاهُ مَنْ وَافَاهُ، يَقُولُ : لَبَّيْكَ دَاعِيَ رَبِّنَا لَبَّيْكَ.
وَهَذَا مِنْ قَوْلِهِ : وَقَالَ لِإِبْرَاهِيمَ خَلِيلِهِ إجَازَةً وَمَا قَبْلَهُ قِرَاءَةً.