إذا قامتا تضوع المسك منهما * نسيم الصبا جاءت بريا القرنفل (١) أنت لا تشك في أن البيت الاول قليل الفائدة، ليس له مع ذلك بهجة، فقد يكون الكلام مصنوع اللفظ، وإن كان منزوع المعنى ! وأما البيت الثاني فوجه التكلف فيه قوله: * إذا قامتا تضوع المسك منهما * ولو أراد أن يجود أفاد أن بهما طيبا على كل حال، فأما في حال القيام فقط، فذلك تقصير ! ! !
ثم فيه خلل آخر: لانه بعد أن شبه عرفها بالمسك، شبه ذلك بنسيم القرنفل، وذكر ذلك بعد ذكر المسك نقص.
وقوله: " نسيم الصبا "، في تقدير المنقطع عن المصراع الاول، لم يصله به وصل مثله.
* * * وقوله: ففاضت دموع العين منى صبابة * على النحر حتى بل دمعى محملى ألا رب يوم لك منهن صالح * ولا سيما يوم بدارة جلجل (٢) / قوله (٣): " ففاضت دموع العين "، ثم استعانته بقوله: " منى " استعانة ضعيفة عند المتأخرين في الصنعة، وهو حشو غير مليح ولا بديع.
وقوله: " على النحر "، حشو آخر، لان قوله: " بل دمعى محملى " (٤) يغنى عنه، ويدل عليه، وليس بحشو حسن ثم قوله: " حتى بل محملى " (٤) إعادة ذكره الدمع حشو آخر، وكان يكفيه أن يقول: " حتى بلت (٥) محملى، فاحتاج لاقامة الوزن إلى هذا كله.
ثم تقديره أنه (٦) قد أفرط في إفاضة الدمع حتى بل محمله، تفريط

(١) في خزانة الادب ٦٥: " قال الدينورى في كتاب النبات: القرنفل أجود ما يؤتى به من بلاد الصين، وقد كثر مجئ الشعر بوصف طيبه - وأنشد هذا البيت - ثم قال: وقالوا: قد أخطأ امرؤ القيس، فإنه لا يقال: تضوع المسك حتى كأنه ربا القرنفل.
إنما كان ينبغى أن يقول: تضوع القرنفل حتى كأنه المسك.
انتهى.
وقد تبعه الامام الباقلانى في كتات إعجاز القرآن.
قال: وفيه خلل... لم يصله به وصل مثله.
انتهى.
والعيبان الاخيران ليسا كما وهمه فتأمل " (٢) م: " يوم صالح لك منهما " (٣) نقله البغدادي في خزانة الادب ٢ / ٦٧.
(٤، ٤) ما بين الرقمين ثابت في ا، م، ك.
(٤) م: " بل ".
(٦) سقطت هذه الكلمة من م.
(*)


الصفحة التالية
Icon