وبيت كشاجم (١) أسلم من هذا، وأبعد من الخلل، وهو قوله: بحياة حسنك أحسنى، وبحق من * جعل الجمال عليك وقفا أجملي (٢) وأما البيت الثاني فإن قوله: " في حيث "، حشا بقوله في كلامه، ووقع ذلك مستنكرا وحشيا، نافرا عن طبعه، جافيا في وضعه، فهو كرقعة من جلد في ديباج حسن ! فهو يمحو حسنه، ويأتى على جماله.
ثم في المعنى شئ، لان لجاج العذل لا يدل على هوى مجهول، ولو كان مجهولا لم يهتدوا للعذل عليه.
فعلم أن المقصد استجلاب العبارات دون المعاني.
ثم لو سلم من هذا الخلل لم يكن في البيت معنى بديع، ولا شئ يفوت قول الشعراء في العذل، فإن ذلك جملهم الذلول، وقولهم المكرر [ المقول ] (٣) * * * وأما قوله:
ماذا عليك من انتظار متيم * بل ما يضرك وقفة في منزل إن سيل عى عن الجواب فلم يطق * رجعا، فكيف يكون إن لم يسأل ؟ ! لست أنكر حسن البيتين وظرفهما، ورشاقتهما ولطفهما، وماءهما وبهجتهما، إلا أن البيت الاول منقطع عن الكلام المتقدم ضربا من الانقطاع، لانه لم يجر لمشافهة العاذل ذكر، وإنما جرى ذكر العذال على وجه لا يتصل هذا البيت به ولا يلائمه (٤).
ثم الذى ذكره من الانتظار - وإن كان مليحا في اللفظ - فهو في

(١) لقب الشاعر محمود بن الحسين بن السندي بن شاهك، طباخ سيف الدولة.
وهو الذى لقب نفسه بهذا اللقب، فسئل عن ذلك فقال: الكاف من كاتب، والشين من شاعر، والالف من أديب، والجيم من جواد، والميم من منجم (٢) في ديوانه ١٤٣ " حسنك أقصرى " (٣) الزيادة من ا، ب، م (٤) س: " ولا يلائم " (*)


الصفحة التالية
Icon