وإنما أراد أن يرد العجز على الصدر، ويأتى بوجه [ في ] (١) التجنيس.
وفيه شئ، لان ظاهر كلامه يوهم أنه قد صار ممتطيا (٢) الاغر الاول ورائحا عليه.
ولو سلم من ذلك لم يكن فيه ما يفوت حدود الشعراء، وأقاويل الناس.
فأما ذكر الهيكل في البيت الثاني، ورده عجز البيت عليه، وظنه أنه قد ظفر بهذه اللفظة وعمل شيئا، حتى كررها، فهى كلمة فيها ثقل، ونحن نجدهم إذا أرادوا أن يصفوا بنحو (٣) هذا قالوا: " ما هو إلا صورة "، و " ما هو إلا تمثال "، و " ما هو إلا دمية "، و " ما هو إلا ظبية "، ونحو ذلك من الكلمات الخفيفة على القلب واللسان.
وقد استدرك (٤) هو أيضا على نفسه، فذكر أنه كصورة في هيكل، ولو اقتصر على ذكر الصورة وحذف الهيكل، كان أولى وأجمل.
ولو أن هذه الكلمة كررها أصحاب العزائم على الشياطين، لراعوهم بها، وأفزعوهم بذكرها ! وذلك من كلامهم، وشبيه بصناعتهم (٥).
* * * وأما قوله: وافى الضلوع يشد عقد حزامه * يوم اللقاء على معم مخول أخواله للرستمين بفارس * وجدوده للتبعين بموكل نبل المحزم مما يمدح به الخيل، فهو لم يأت فيه ببديع.
وقوله: " يشد عقد حزامه "، داخل في التكلف والتعسف، لا يقبل من مثله وإن قبلناه من غيره، لانه يتتبع الالفاظ وينقدها نقدا شديدا، فهلا قال: " يشد (٦) حزامه "، أو يأتي بحشو آخر سوى العقد ؟ فقد عقد هذا البيت بذكر العقد.
ثم قوله: " يوم اللقاء "، حشو آخر لا يحتاج إليه.

(١) الزيادة من م، ك، ا (٢) س، ك: " ممتطى " (٣) كذا في ا، م، ك وفى س: " يصنعوا نحو " (٤) م: " استدركه أيضا " (٥) م: " بفظاعتهم " (٦) م: " شد " (*)


الصفحة التالية
Icon