وأما البيت الثاني فمعناه أصلح من ألفاظه، لانها غير مجانسة لطباعه، وفيها
غلظ ونفار.
وأما قوله: يهوى كما تهوى العقاب وقد رأت * صيدا وينتصب انتصاب الاجدل (١) متوجس برقيقتين كأنما * تريان من ورق عليه موصل (٢) ما إن يعاف قذى، ولو أوردته * يوما خلائق حمدويه الاحول (٣) البيت الاول صالح، وقد قاله الناس ولم يسبق إليه، ولم يقل ما لم يقولوه، بل هو منقول.
وفى سرعة عدو الفرس تشبيهات ليس هذا بأبدعها، وقد يقولون: " يفوت الطرف "، و " يسبق الريح "، و " يجارى الوهم " و " يكد (٤) النظر " ولولا أن الاتيان على محاسن ما قالوه في ذلك يخرج الكلام عن غرض الكتاب، لنقلت (٥) لك جملة مما ذهبوا إليه في هذا المعنى.
فتتبع تعلم أنه لم يأت فيها بما يجل عن الوصف، أو يفوت منتهى الحد.
على أن الهوى يذكر عند الانقضاض خاصة، وليس للفرس هذه الصفة في الحقيقة، إلا أن يشبه حده (٦) في العدو بحالة انقضاض البازى والعقاب، وليست تلك الحالة بأسرع أحوال طيرانها.
وأما البيت الثاني فقوله: إن الاذنين كأنهما من ورق موصل، وإنما أراد

(١) كذا في الديوان وم، ا.
وفى س، ك، ب: " وينقض انقضاض الاجدل " (٢) في اللسان ٨ / ١٤٠ " والتوجس: التسمع إلى الصوت الخفى " برقيقتين: أي بأذنين (٣) في ابن أبى الحديد ٢ / ٢٤٤ " ألا تراه كيف استطرد بذكر حمدوية الاحول الكاتب، وكأنه لم يقصد ذلك ولا أراده، وإنما جرته القافية، ثم ترك ذكره وعاد إلى وصف الفرس، ولو أقسم إنسان أنه ما بنى القصيدة منذ افتتحها إلا على ذكره، ولذلك أتى بها على روى اللام - لكان صادقا " (٤) س، ك: " ويكر " (٥) م: " نقلت "
(٦) م: " حدته " (*)


الصفحة التالية
Icon