الأمر الثالث : الإحالات، أعني قوله : قد ذكرنا في.." ونحوه، وأرى أن أبسط القول في الإحالات بوجه عام، وقعت الإحالات في جميع الأقسام خلا السادس، وذلك من أثر الاستعجال فيه كما سبق. ولا تنكر الإحالة في قسم على ما تقدم منه، أو من قسم آخر لمصنفه، ولا الإحالة في التكملة على الأصل بلفظ "قد تقدم" ونحوه، وإنما الذي يستنكر ضربان مشككان، الأول الإحالة في التكملة على الأصل بلفظ "قد ذكرنا" ونحو؛ إذ يقال : كيف ينسب إلى نفسه ما هو من كلام غيره؟ الضرب الثاني الإحالة فيما هو من الأصل على ما هو من التكملة؛ إذ يقال : كيف يحال على ما لم يوجد بعد بلفظ يفيد أنه قد وجد ؟ فأما الضرب الأول فاصطدمت أولاً بعدد من تلك الإحالات في القسم الثاني فراعني قوله في موضعين أو أكثر من أوائل تفسير العنكبوت "قد ذكرنا مراراً" ونحو هذا؛ فإن الدلائل تقضي بأن ما قبل العنكبوت كله من تصنيف الرازي وأن تفسير العنكبوت كله من تصنيف الرازي وأن تفسير العنكبوت من التكملة، وإحالات أخرى في ذاك القسم أعني الثاني على تفسير البقرة وغيرها من سور القسم الأول، حيرني ذلك أولاً لقوة جزمي بأن مصنف تفسير العنكبوت غير مفسر ما قبلها فذهبت أتلمس الاحتمالات، وكان أقربها أن صاحب التكملة رأى أنه وصاحب الأصل شريكان في الجملة في هذا التفسير، وأنه يسوغ أن يُنسب فعل أحد الشريكين إليهما، فهو يقول :"ذكرنا" يريد ذكر مصنف الأصل، ثم بدا لي أن أتتبع المواضع المحال عليها وأنظر أيوجد فيها المعاني المحال بها عليها أم لا ؟ فإذا أخلص من إشكال واقع في آخر، ففي التفسير (٥/٢٠١) :
"وذكرنا في تفسير الأنفال في أوائلها أن الصلاة ترك التشبه السيد.."
وفيه (٥/٢٢٠) :
"المسألة الرابعة : لم قدم السمع هنا والقلب في قوله تعالى :﴿ ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم ﴾ [البقرة]... وقد ذكرنا هناك ما هو السبب في تأخير الأبصار.. وهو أن القلب والسمع سلب قوتهما بالطبع...).


الصفحة التالية
Icon