وأعلى من ذلك وأَجلُّ، قراءة نبينا ورسولنا محمد - ﷺ - فقد كانت قراءته مفسرة، حرفا حرفاً، وكانت مَدَّاً، وكان - ﷺ - يُرَجِّعُ أحياناً، وكان - ﷺ - حسن الوجه، حسن الصوت، بل من سمات أنبياء الله ورسله: حُسن الصوت لكمال خَلْقِهم، وتمام خشيتهم لربهم. ومنها: أن أمير المؤمنين أبا بكر رضي الله عنه وصفته ابنته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لما اختاره النبي - ﷺ - لإِمامة الناس في الصلاة قالت: ((إن أبا بكر رجل أسِيْف متى يقم مقامك رَقَّ)) أي: يتمالكه الخشوع فيجهش بالبكاء، رضي الله عنه وأرضاه. ومع هذا فإن الناظر في أخبار التحلي بهذه النعمة، التي أنعم الله بها على من شاء من عباده ((حُسْن الصوت بالقراءة)) لا يرى حرفاً واحداً في تسنن الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم بمحاكاة حَسَن الصوت في صوته بالقرآن، ولو كان ذلك واقعاً لنُقل، ولو كان لصار أَوْلَى من يُحاكى في صوته، هو أفضل من قرأ القرآن، نبينا ورسولنا محمد - ﷺ -. ولتواطأ على ذلك قراء الأمة، من الصحابة فمن بعدهم، وتوارثوه كافة عن كافة. وهذا العبد القانت الصحابي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، مع شدة تتبعه، وقوفه الأثر، وآثار رسول الله - ﷺ - لا يحاكيه في قراءته، أو في شيء من أموره الجبلِّية - ﷺ - وهؤلاء القراء من الصحابة رضي الله عنهم وهم كُثر لا نرى عنهم حرفاً واحداً في ذلك. وعن معاوية بن قرة، عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنهم قال: ((قرأ النبي - ﷺ - يوم فتح مكة، سورة الفتح، فَرَجَّع فيها)). قال معاوية: لو شئت أن أحكي لكم قراءة النبي - ﷺ - لفعلت.