وهذا يدل على أنه محذور كبير وهو قراءة القرآن بالألحان التي يسلك بها مذاهب الغناء، وقد نص الأئمة رحمهم الله على النهي عنه، فأما إن خرج به إلى التمطيط الفاحش الذي يزيد بسببه حرفاً أو ينقص حرفاً فقد اتفق العلماء على تحريمه، والله اعلم. وقال الحافظ أبو بكر البزار: ثنا محمد بن معمر، ثنا روح، ثنا عبيد الله بن الأخنس عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال: قال رسول الله - ﷺ - :((ليس منا من لم يتغن بالقرآن)). ثم قال: ولنا ما ذكرناه، لأنهم اختلفوا على ابن أبي مليكة فيه فرواه عبد الجبار بن الورد عنه، عن ابن أبي مليكة عن أبي لبابة، ورواه عمرو بن دينار، والليث عنه عن ابن أبي نهيك عن سعد، ورواه عسل بن سفيان عنه عن عائشة، ورواه نافع مولى ابن عمر عه عن ابن الزبير). انتهى.
وقد رغب النبي - ﷺ - في هذا السماع المبارك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي - ﷺ - قال: ((ما أذن الله لشيء ما أذن للنبي أن يتغنى بالقرآن)). متفق عليه.
والأحاديث بمعناه كثيرة في مشاهير السنن وغيرها. ويقتضي شكرها أيضا: أن لا يستعملها العبد في معصية كاستعمال ((حُسن الصوت)) في ((الغناء)). وفي الحديث أن النبي - ﷺ - قال: ((صوتان ملعونان: صوت ويل عند مصيبة وصوت مزمار عن نعمة)) رواه البزار. من حديث أنس رضي الله عنه. والتحريم للصوت - فضلا عن الحسن - في ((الغناء)) كالتحريم لاستعمال حسن الصورة، والجمال في ((الفواحش)) والتلذذ بالنظر إليها. وبهذا تعلم: أن النِّعم، مِحَنٌ، والسعيد من استعملها في طاعة الله.
وعليه: فالصوت نعمة، وحُسْنُه خلقه: فضيلة لا يجوز استعمالها في منهي عنه، ومن شُكرها استعمالها في طاعة الله.