قوله تعالى :﴿ اللهُ لآَ إِلهَ إِلاَّ هُوَ ﴾ الآية. مُخْرَجة مخرج النفي أن يصح إله سوى الله، وحقيقته إثبات إله واحد وهو الله، وتقديره : الله الإله دون غيره.
﴿ الْحَيُّ ﴾ فيه أربعة تأويلات :
أحدها : أنه سمى نفسه حياً لصَرْفِه الأمور مصارِفها، وتقدير الأشياء مقاديرها، فهو حي بالتقدير لا بحياة.
والثاني : أنه حي بحياة هي له صفة.
والثالث : أنه اسم من أسماء الله تَسَمَّى به، فقلناه تسليماً لأمره. والرابع : أن المراد بالحي الباقي، قاله السدي، ومنه قول لبيد :

إذا ما تَرَيَنِّي اليومَ أصْبَحْتُ سَالِماً فَلَسْتُ بِأحْيَا مِن كِلابٍ وَجَعْفَرِ
﴿ الْقَيُّومُ ﴾ قرأ عمر بن الخطاب القيام. وفيه ستة تأويلات :
أحدها : القائم بتدبير خلقه، قاله قتادة.
والثاني : يعني القائم على كل نفس بما كسبت، حتى يجازيها بعملها من حيث هو عالم به، لا يخفى عليه شيء منه، قاله الحسن.
والثالث : معنى القائم الوجود، وهو قول سعيد بن جبير.
والرابع : أنه الذي لا يزول ولا يحول، قاله ابن عباس.
والخامس : أنه العالم بالأمور، من قولهم : فلان يقوم بهذا الكتاب، أي هو عالم به.
والسادس : أنه اسم من أسماء الله، مأخوذ من الاستقامة، قال أمية بن أبي الصلت : إلاّ لأمرٍ شأنه عظيم... ﴿ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ ﴾ السِّنةُ : النعاس في قول الجميع، والنعاس ما كان في الرأس، فإذا صار في القلب صار نوماً، وفرَّق المفضل بينهما، فقال : السِّنة في الرأس، والنعاس في العين، والنوم في القلب. وما عليه الجمهور من التسوية بين السِّنة والنعاس أشبه، قال عدي بن الرقاع :
لم تُخلَق السماءُ والنجوم والشمسُ معها قمر يقوم
قدّرهَا المهيمن القيوم والحشر والجنة والحميم
وسْنَانُ أقصده النعاس فرنقت في عينه سنة وليس بنائم
﴿ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : ما بين أيديهم : هو ما قبل خلقهم، وما خلفهم : هو ما بعد موتهم.
والثاني : ما بين أيديهم : ما أظهروه، وما خلفهم : ما كتموه.
﴿ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَآءَ ﴾ أي من معلومه إلا أن يطلعهم عليه ويعلمهم إياه.
﴿ وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ ﴾ في الكرسي قولان :
أحدهما : أنه من صفات الله تعالى.
والثاني : أنه من أوصاف ملكوته.
فإذا قيل إنه من صفات ففيه أربعة أقاويل :
أحدها : أنه علم الله، قاله ابن عباس.
والثاني : أنه قدرة الله.
والثالث : ملك الله.
والرابع : تدبير الله.
وإذا قيل إنه من أوصاف ملكوته ففيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنه العرش، قاله الحسن.
والثاني : أنه سرير دون العرش.
والثالث : هو كرسي تحت العرش، والعرش فوق الماء. وأصل الكرسي العلم، ومنه قيل للصحيفة فيها علم مكتوب : كراسة، قال أبو ذؤيب :


الصفحة التالية
Icon