« بلى » فقالوا : حسبنا، فأنزل الله تعالى :﴿ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وابْتَغَآءَ تَأْوِيلِهِ ﴾ وهو قول الربيع.
وفي قوله تعالى :﴿ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ ﴾ أربعة تأويلات :
أحدها : الشرك، قاله السدي.
والثاني : اللّبْس، قاله مجاهد.
الثالث : الشبهات التي حاجّ بها وفد نجران.
والرابع : إفساد ذات البَيْن.
﴿ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ﴾ في التأويل وجهان :
أحدهما : أنه التفسير.
والثاني : أنه العاقبة المنتظرة.
﴿ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللهُ ﴾ فيه ثلاثة أقاويل :
أحدها : تأويل جميع المتشابه، لأن فيه ما يعلمه الناس، وفيه ما لا يعلمه إلا الله، قاله الحسن.
والثاني : أن تأويله يوم القيامة لما فيه من الوعد والوعيد، كما قال الله تعالى :﴿ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَومَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ ﴾ [ الأعراف : ٥٣ ] يعني يوم القيامة، قاله ابن عباس.
والثالث : تأويله وقت حلوله، قاله بعض المتأخرين.
﴿ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ﴾ فيه وجهان :
أحدهما : يعني الثابتين فيه، العاملين به.
والثاني : يعني المستنبطين للعلم والعاملين، وفيهم وجهان :
أحدهما : أنهم داخلون في الاستثناء، وتقديره : أن الذي يعلم تأويله الله والراسخون في العلم جميعاً.
روى ابن أبي نجيح عن ابن عباس أنه قال : أنا ممن يعلم تأويله.
الثاني : أنهم خارجون من الاستثناء، ويكون معنى الكلام : ما يعلم تأويله إلا الله وحده، ثم استأنف فقال :﴿ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ ﴾.
﴿ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِندِ رَبِّنَا ﴾ يحتمل وجهين :
أحدهما : علم ذلك عند ربنا.
والثاني : ما فصله من المحكم والمتشابه، فنزل من عند ربنا.


الصفحة التالية
Icon