قوله تعالى :﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ الْمَيْتَةُ ﴾ فيها تأويلان.
أحدهما : أنه كل ما له نفس سائلة من دواب البر وطيره.
والثاني، أنه كل ما فارقته الحياة من دواب البر وطيره بغير ذكاة.
﴿ وَالدَّمُ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أن الحرام منه ما كان مسفوحاً كقوله تعالى :﴿ أَوْ دَماً مَّسْفُوحاً ﴾ الثاني : أنه كل دم مسفوح وغير مسفوح، إلا ما خصته اسنة من الكبد والطحال، فعلى القول الأول لا يحرم السمك، وعلى الثاني يحرم.
﴿ وَلَحْمُ الْخِنزيرِ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أن التحريم يختص بلحم الخنزير دون شحمه، وهذا قول داود.
والثاني : أنه يعم اللحم وما خالطه من شحم وغيره، وهو قول الجمهور، ولا فرق بين الأهلي منه والوحشي.
﴿ وَمآ أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ ﴾ يعني ما ذبح ليغر الله من الأصنام والأوثان، أصله من استهلال الصبي إذا صاح حين يسقط من بطن أمه، ومنه أهلال المُحْرِم بالحج والعمرة، قال ابن أحمر :

يهل بالفرقد ركبانها كما يهل الراكب المعتمر
﴿ وَالْمُنْخَنِقَةُ ﴾ فيها قولان :
أحدهما : أنها تخنق بحبل الصائد وغيره حتى تموت، وهو قول السدي، والضحاك.
والثاني : أنها التي توثق، فيقتلها خناقها.
﴿ وَالْمَوقُوذَةُ ﴾ هي التي تضرب بالخشب حتى تموت، يقال :( وقذتها أقذها وقذاً، وأوقذها أيقاذاً، إذا أثخنتها ضرباً )، ومنه قول الفرزدق :
شغارة تقذ الفصيل برجلها فطَّارة لقوادم الأبكار
﴿ وَالْمُتَردِيَةُ ﴾ هي التي تسقط من رأس جبل، أو بئر حتى تموت.
﴿ وَالنَّطِيحَةُ ﴾ هي الشاة التي تنطحها أخرى حتى تموت.
﴿ وَمآ أَكَلَ السَّبُعُ إِلاَّ مَا ذَكَّيْتُمْ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : يعنى من المنخنقة وما بعدها، وهو قول علي رضي الله عنه، وابن عباس، وقتادة، والحسن، والجمهور.
والثاني : أنه عائد إلى ما أكل السبع خاصة، وهو محكي عن الظاهرية. وفى مأكولة السبع التي تحل بالذكاة قولان :
أحدهما : أن تكون لها عين تطرف أو ذنب يتحرك.
والثاني : أن تكون فيها حركة قوية لا كحركة المذبوح، وهو قول الشافعي، ومالك.
﴿.... وَأَن تَسْتَقْسِمُواْ بِالأَزْلاَمِ ﴾ معناه أن تطلبوا علم ما قُسِّمَ أو لم يُقَسَّم من رزق أو حاجة بالأزلام، وهي قداح ثلاثة مكتوبة على أحدها : أمرني ربي، والآخر : نهاني ربي، والثالث : غفل لا شيء عليه، فكانوا إذا أرادوا سفراً، أو غزواً، ضربوا بها واستسقسموا، فإن خرج أمرني ربي فعلوه، وإن خرج نهاني ربي تركوه، وإن خرج الأبيض أعادوه، فنهى الله عنه، فَسُمِّي ذلك استقساماً، لأنهم طلبوا به علم ما قُسِمَ لهم.
وقال أبو العباس المبرد : بل هو مشتق من قَسَم اليمين، لأنهم التزموا ما يلتزمونه، باليمين.
﴿ ذَالِكُمْ فِسْقٌ ﴾ أى خروج عن أمر الله وطاعته، وفعل ما تقدم نهيه عنه،
﴿ الْيَوْمَ يَئِسَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن دِينِكُمْ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أن ترتدوا عنه راجعين إلى دينهم.


الصفحة التالية
Icon