والرابع : ما فيه الغارّ من الأثمان المحرمة : كثمن الكلب، والخنزير، والخمر وعسب افحل، وحلوان الكاهن.
وأصل السحت الاستئصال، ومنه قوله تعالى :﴿ فَيُسْحِتَكُم بِعَذَابٍ ﴾ أي يستأصلكم، وقال الفرزدق :

وعض زمان يا ابن مروان لم يدع من المال إلا مسحتاً أو مجلف
فسمي سحتاً لأنه يسحت الدين والمروءة.
﴿ فَإِن جَآؤُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَْعْرِضْ عَنْهُمْ ﴾ فيمن أريد بذلك قولان :
أحدهما : اليهوديان اللذان زنيا خيّر رسول الله ﷺ أن يحكم بينهما بالرجم أو يدع، وهذا قول الحسن، ومجاهد، والزهري.
والثاني : أنها في نفسين من بني قريظة وبني النضير قتل أحدهما صاحبه فخّير رسول الله ﷺ عند احتكامهما إليه بين أن يحكم بالقود أو يدع، وهذا قول قتادة.
واختلفوا في التخيير في الحكم بينهم، هل هو ثابت أو منسوخ؟ على قولين : أحدهما : أنه ثابت وأن كل حاكم من حكام المسلمين مخير فى الحكم بين أهل الذمة بين أن يحكم أو يدع، وهذا قول الشعبي، وقتادة، وعطاء، وإبراهيم.
والقول الثاني : أن ذلك منسوخ، وأن الحكم بينهم واجب على من تحاكموا إليه من حكام المسلمين، وهذا قول ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وعمر بن عبد العزيز، وعكرمة، وقد نسخه قوله تعالى :﴿ وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ ﴾
قوله تعالى :﴿ وَكَيفَ يُحَكِّمُونَكَ وَعِندَهُمُ الْتَّورَاةُ فِيهَا حَكْمُ اللَّهِ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : حكم الله بالرجم.
والثاني : حكم الله بالقود.
﴿ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : بعد حكم الله في التوراة.
والثاني : بعد تحكيمك.
﴿ وَمَآ أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ ﴾ فيه قولان :
أحدهما : أي فى تحكيمك أنه من عند الله مع جحودهم نبوتك.
والثاني : يعني فى توليهم عن حكم الله غير راضين به.
قوله تعالى :﴿ إِنَّآ أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ ﴾ يعني بالهدى ادليل. وبالنور البيان.
﴿ يَحْكُمْ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا ﴾ فيهم قولان :
أحدهما : أنهم جماعة أنبياء منهم محمد ﷺ.
والثاني : المراد نبينا محمد ﷺ وحده وإن ذكر بلفظ الجمع.
وفي الذي يحكم به من التوراة قولان :
أحدهما : أنه أراد رجم الزاني المحصن، والقود من القاتل العامد.
والقول الثاني : أنه الحكم بجميع ما فيها من غير تخصيص ما لم يرد به نسخ.
ثم قال تعالى :﴿ لِلَّذِينَ هَادُوا ﴾ يعني على الذين هادوا، وهم اليهود، وفي جواز الحكم بها على غير وجهان : على اختلافهم فى التزامنا شرائع من قبلنا إذا لم يرد به نص ينسخ.
ثم قال تعالى :﴿ وَالرَّبَانُّيِونَ والأَحْبَارُ ﴾ واحد الأحبار حَبْر بالفتح، قال الفراء، أكثر ما سمعت حِبْر بالكسر، وهو العالم، سُمِّي بذلك اشتقاقاً من التحبير، وهو التحسين لأن العالم يحسن الحسن ويقبح القبيح، ويحتمل أن يكون ذلك لأن العلم فى نفسه حسن.
ثم قال تعالى :﴿ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللَّهِ ﴾ فيه قولان :


الصفحة التالية
Icon